طرحت في الوسط السياسي أسئلة كثيرة حول الموقف الذي يمكن أن يتخذه رئيس الجمهورية العماد ميشال عون كما نقل عن لسانه، إزاء تأخير ولادة الحكومة بعد الأول من أيلول (سبتمبر) المقبل، حيث قال أكثر من نائب في «تكتل لبنان القوي» و «التيار الوطني الحر» إن الرئاسة سيكون لها موقف انطلاقاً من صلاحياتها الدستورية من أجل دفع الرئيس المكلف سعد الحريري إلى حسم أمره والخروج من المراوحة التي تغرق فيها مشاورات تأليف الحكومة.


وقالت مصدر سياسي بارز لـ «الحياة» إن ما نشر أمس عن دراسة أعدها وزير العدل سليم جريصاتي يستوجب التوقف عنده، خصوصاً أن الدراسة تشير إلى أنه يعود لرئيس الجمهورية استناداً إلى «دوره وموقعه حامياً للدستور وحافظاً المصلحة العليا أن يطلب من الشخصية المكلفة ان تأخذ تصوراً أو توجيهاً ما في الاعتبار تذليلاً للعقبات وتمهيداً للتأليف، طالما أن توقيع مرسوم التأليف يعود في النهاية إلى الرئيس، وصولاً إلى الاعتذار عن التكليف، حتى إن كُلّفت مجدّدًاً الشخصيّة ذاتها في الإستشارات النيابيّة، تتحرّر من الأثقال والشروط والشروط المضادة التي أعاقت التأليف أن رغبت في ذلك».

كما أن الدراسة تشير إلى تدبير آخر ينص عليه الدستور (المادة 53 ) بتوجيه رئيس الجمهورية رسالة إلى البرلمان تنص على آثار إطالة مهلة التأليف على وضع البلد ليدعو رئيسه نبيه بري إلى جلسة عامة تتدارس الأمر، ولها أن تأخذ قرارات بالأكثرية العادية كأن تحدد معايير تتشكل على أساسها الحكومة.

وأوضح المصدر لـ «الحياة» أن بعض الخطوات التي يتحدث عنها جريصاتي سياسية وليست دستورية باستثناء الرسالة التي يمكن للرئيس عون أن يوجهها إلى البرلمان. فالتداول بين رئيس الجمهورية وبين الرئيس المكلف في تأليف الحكومة هو سياسي، مفعوله الدستوري لا يستقيم إلا عند صدور مرسوم تأليف الحكومة الذي يوجب الدستور توقيعهما عليه.

وشدد المصدر على أن تفاهم الرئيسين هو سياسي على تركيبة الحكومة خصوصاً حين تكون حكومة ائتلاف ووفاق وطني كما يطرح الحريري، وكما سبق للرئيس عون أن طرح في خطابه في الأول من آب (أغسطس).

وذكر المصدر السياسي البارز أن التداول بين الرئيسين لن يفضي إلى اعتذار لحريري حتى لو كان ذلك بهدف إعادة تكليفه، في وقت أكد أكثر مرة أنه لن يعتذر وينتظر أن تقدم الأطراف تنازلات تسهل التأليف. كما أن الطلب إلى البرلمان أن يحدد معايير للتأليف سيكون مخالفاً للدستور لأنه مناقض لمبدأ الفصل بين السلطات، بينما المعالجة لمعضلة التأليف سياسية، لأن العقد التي تعترضه ناجمة عن خلاف على الأوزان السياسية.

< شدد الوزير حسين الحاج حسن على «ضرورة تشكيل الحكومة في أسرع وقت ممكن، لأن هناك العديد من الملفات على كافة الصعد تنتظر المعالجة الفورية، لا سيما تلك التي تتعلق بالوضع الاقتصادي والاجتماعي وإيجاد فرص عمل، ومعالجة مشكلة التلوث والكهرباء والمياه، ووقف الهدر ومكافحة الفساد وغيرها من الأزمات والمشكلات التي يعيشها اللبنانيون». واعتبر «أن التأخير في تشكيل الحكومة يعود إلى عدم احترام القواعد التي جاءت بنتيجة الانتخابات النيابية، فضلاً عن نفخ البعض لأحجامهم، وبالتالي يجب احترام النتائج التي تحققت في الانتخابات كقاعدة لتشكيل الحكومة وتمثيل الكتل النيابية داخلها».

ورأى النائب فريد هيكل الخازن أن «لا بوادر تشير إلى تشكيل الحكومة في وقت سريع والمواعيد ليست إلا تكهنات»، ولفت في حديث لـ «صوت لبنان» إلى أن «لبنان يمر بمرحلة صعبة مالياً واقتصادياً وأي فريق يريد عرقلة الحكومة خدمة لجهة خارجية يعتبر مجرماً بحق بلده وشعبه». وقال: «ليس مفترضاً أن يكون هناك سبب داخلي حقيقي يمنع تشكيل الحكومة» داعياً إلى «ضرورة اعتماد معيار واحد في التأليف».

وشدد عضو تكتل «لبنان القوي» النائب ماريو عون على أن «خطوة رئيس الجمهورية المتوقعة بعد الأول من أيلول والمتمثلة بطاولة حوار، تجمع كل الأطراف للبحث في تشكيل الحكومة»، وأشار إلى «ضرورة أن تكون هناك عملية تكثيف للحوار ومحاولة الوصول إلى تدوير الزوايا في موضوع التأليف». ولفت إلى أن «بعض المواضيع الكبيرة تستوجب وفاقاً وطنياً حولها كالاستراتيجية الدفاعية، والموضوع الحكومي يستوجب شيئاً من هذا القبيل، لكن هذا كله تكهنات لأن الحلول الدستورية غير موجودة لا أكثر ولا أقل». وقال: «الحلول الدستورية لا تعفي الرئيس المكلف من مهمته ولا تقول له «شكراً لمحاولاتك» وحتى في عملية الحوار داخل مجلس النواب، بناء على رسالة موجهة ومحتملة من الرئيس، لا يترتب عليها أكثر من حوار».

وزاد: «وجدنا أن هناك همسة ما وكأن العامل الخارجي السوري دخل على الرئيس المكلف».

«صلاحياته واسعة ولن يرضخ للضغوط»

وأكدت عضو كتلة «المستقبل» النائب ​رولا الطبش​ أن رئيس الحكومة المكلف ​سعد الحريري​ «لم يتوقف عن التحرك من أجل ولادة حكومة وحدة وطنية ترضي الجميع»، مشددة على أنه «يستمد قوته من الدستور ومن 112 صوتاً منحوه ثقتهم وسموه ل​تشكيل الحكومة​«. وأشارت إلى أن الحريري «يعمل بصمت وبعيداً من الإعلام ولا يريد الإفصاح عما يجري».

وإذ شددت على «تمسك الحريري بصلاحياته الدستورية المكرسة في «دستور ​الطائف​«، مؤكدة أنه «لن يرضخ لأي ضغوط». وضعت الموقف الأخير الذي أعلنه الرئيس ميشال عون لجهة قوله إنه سينتظر للأول من أيلول فقط في موضوع الحكومة، «في سياق تسهيل مهمة رئيس الحكومة المكلف، في انتظار التطورات المقبلة كي يبنى على الشيء مقتضاه».

واستغرب عضو الكتلة ذاتها النائب طارق المرعبي كيف أن «بعض الأفرقاء يضعون شروطاً تعجيزية للمشاركة في الحكومة، وفي الوقت نفسه يطالبون بالإسراع بالتأليف، ويجتهدون بإطلاق المواقف عن المهل، ويتناسون عن قصد أن الرئيس المكلف صلاحياته واضحة واسعة والدستور بمتناول الجميع». وقال: «لن نسمح بالمساس بها ولا بمقام رئاسة الحكومة ولا بشخص الرئيس الحريري».

ودعا عضو تكتل «الجمهورية القوية» النائب فادي سعد «للخروج من المراهقة السياسية والتوقف عن اللعب في مصير الناس»،

وأكد أن «من حق الرئيس عون أن تكون لديه حصة وهذا ورد في إتفاق معراب»، لافتاً إلى أن «الخلاف هو في إحتساب حصة الرئيس من خارج حصة تكتل «لبنان القوي» لكن البعض يريد خلق مشكلة إصطناعية». وطالب عون «بالتدخل وضرب يده على الطاولة للقول كفى فبناء الدولة يبدأ بوقف «وقاحة» الهدر والفساد». وقال: «لا يجوز كلما عبّر الدكتور سمير جعجع عن رأيه عبر مقابلة أو تغريدة أن تبدأ «أوركسترا الحقد» بالشتائم فهذا أكثر ما يضر بالعهد»، داعياً الرئيس عون إلى التصرف كـ «بي الكل» وليس كرئيس تيار» .

«داعم لجهود رئيس الجمهورية»

ورأى عضو المجلس المركزي في «حزب الله» الشيخ نبيل قاووق أن «أزمة تشكيل الحكومة باتت تهدد جميع مصالح اللبنانيين، والاستقرار السياسي والاجتماعي والمالي»، سائلاً: «هل هناك استهداف سياسي للعهد، وهل هناك من يزرع العقد على طريق العهد بهدف إضعافه ومحاصرته؟». وشدد على «أن حزب الله هو في موقع داعم لجهود رئيس الجمهورية الذي يشكل ضمانة حقيقية لتشكيل حكومة وحدة وطنية، وأنه دائماً في الموقع الذي يساعد لتذليل العقبات وفك العقد».