&خالد أحمد الطراح
&&
مع حلول ذكرى الغزو والتحرير كل عام، تثار تساؤلات اكبر من عمر شهور الغزو وحجم المعاناة التي لا يمكن ان تتجاوزها الذاكرة البشرية، فقد نزفت الكويت قلوبا وأجسادا دماء زكية حاول من كان بالداخل والخارج ايضا اثناء الغزو العراقي التعبير عنها بشتى الاشكال والأساليب.
كان هناك صمود كويتي تمثل في مقاومة مدنية تشهد له زوايا الكويت «الذبيح» من الجار العراقي في عام 1990، وتعرفه ايضا زنازين وقضبان السجون العراقية والمقابر العشوائية التي احتضنت دماء شهداء الكويت من اسرى مدنيين وأبطال المقاومة، فيما كان هناك تدفق من العمل الوطني داخل وخارج الكويت حمل مشاعر المواطن والوطن القتيل على ايادي شعراء وملحنين كويتيين عبروا عن الام الغدر التي اغتالت النفوس والأزهار والأشجار، وحرمت اخرين من ذكريات جميلة في اركان منازلهم ومكتباتهم من رسوم الاطفال البريئة والصور العتيقة.
اكتب هذه السطور متعاطفا مع مشاعر تغمرها الحسرة والسؤال الكبير عن سبب عدم توثيق الجهات الرسمية كل القصائد والأغاني والألحان التي انهمرت ابان فترة الغزو، فقد عرض تلفزيون الدولة في اكثر من ذكرى اجتزاء لإسهامات وطنية عبرت عن مشاعر ليست فردية وانما عن مشاعر شعبية!
من بين الشخصيات البارزة التي سخرت امكاناتها وإبداعاتها شعرا ولحنا خلال تلك المحنة الاليمة الشاعر الدكتور عبدالله العتيبي رحمه الله فقد كان يكتب كالسيل شبه يومي قصائد، فيما يتفاعل معها موسيقياً الملحن الكبير الاخ الفاضل غنام الديكان كقصيدة طائر البشرى التي جاء في جزء منها:
بنصر بلادي جاءني البشرى
فجدد شوقي للغنا مرة اخرى
وصارت حروفي للكويت سنابلاً
من المؤسف ان الذكرى الـ28 للغزو العراقي عرض تلفزيون الدولة برنامجا لبعض الفنانين والملحنين من دون ذكر قصائد المرحوم عبدالله العتيبي أو إجراء حديث مع الملحن الاخ الفاضل غنام الديكان وإسهاماته، وكذلك الحال مع الاخ العزيز الشاعر الدكتور خليفة الوقيان الذي صدرت له قصائد في ديوان «حصاد الريح».
هذه الاعمال التاريخية تستوجب الاهتمام والتوثيق من جديد بقيادة الفنان المبدع الكبير شادي الخليج أمده الله بالصحة حتى لو كان بجزء بسيط بمساعدة عدد من الفنانين الشباب، خصوصاً ان الكثير من هذه الاغاني تم تسجيلها ابان فترة الغزو اذاعيا، بسبب ظروف تلك المحنة وليس بالصورة والصوت.
من بين ما فجّر وجدان الاديب خليفة الوقيان قصيدة «برقيات كويتية» من الحان غنام الديكان وغناء شادي الخليج اذاعيا وأورد جزءا منها:
ايها القادمون مع الليلِ
ان العروق التي نزَفت
فوق رمل الكويت
لم يكن نبضُها
غير خفقِ العروبةِ
فيِ كل بيت
قل للرفاقِ
الغارسين رماحهم بظهورِنا
الناذرينَ سيوفهم لنحورِنا
الدربُ نحو القدسِ سالكةٌ
فكيف عبرتُمو نحو الجنُوب
هل انتمُ احفاد معتصمِ
اذا انتخت الاسَارى
أم نسلِ هولاكو
الذي حرقَ الديارا
هؤلاء الشعراء وغيرهم وكذلك من ملحنين مخضرمين من امثال الاخ الكبير غنام الديكان احياء، لا يتطلعون إلى توثيق هذه الاعمال الوطنية تخليدا لأشخاصهم وانما لإسهامات تاريخية ووطنية المضمون حتى يتغنى جيل اليوم والمستقبل بهذه الاعمال الفنية بالصوت والصورة.
اتمنى ان يتبنى هذا المقترح الوطني مركز جابر الأحمد الثقافي بتوثيق وتطوير هذه الاعمال توثيقا للتاريخ طالما أن هناك اعلاما رسميا انتقائيا في التوثيق!
&
التعليقات