فاتح عبدالسلام
من حق أيّ عراقي أن يقلق من دعوة أحد المسؤولين لجميع الفاسدين واللصوص لتسليم ما سرقوه الى الدولة مقابل العفو عنهم ، تحت قياس إنّ دعوةً مماثلة جرى توجيهها الى الارهابيين ولم يفيدوا من الفرصة في إلقاء السلاح وتسليم أنفسهم ، فتمّ القضاء عليهم.
الملمح الايجابي في تلك الدعوة هو المساواة الضمنية بين ناهب أموال العراقيين والإرهابيين، وهذا وعي متقدم للحالة العراقية. غير إنّ الفساد ملف واضح المعالم في العراق ،ويمكن الاحاطة بكل أوراقه وشخوصه وتفاصيل جرائم النهب وما تسبّب به من خراب واستنزاف لامكانات البلد المترنح بالحروب أصلاً.
ما معنى ان يرجع مسؤول سارق مبلغ عشرة ملايين دولار الى الدولة اليوم وقد دخلت الى جيبه قبل عقد من الزمن وأصبحت بعد تشغيلها وشراء العقارات الرابحة بها، أزيد من عشرين أو ثلاثين مليون دولار، ونجد اليوم مَن يدعوه ليعيد العشرة المسروقة ويتمتع بأرباحها كأي انسان شريف بين أبناء الشعب. أيّ منطق هذا؟ وأين الحق العام ؟ وأين الجريمة المخلّة بالشرف؟.
وأين قيم المجتمعات السويّة التي تحكمها نصوص شرائع سماوية من جهة ، وأحزاب دينية من جهة أخرى؟
هل يكفي اختيار نموذج واحد أو إثنين من الفاسدين لمحاسبته ونترك رموزهم وكبارهم يلعبون بالأموال والمصائر، ونسكتُ عنهم بحكم الضرورات السياسية أو الانتماء الحزبي أو الجيرة التوافقية أو التوصيات الدولية؟
هل من الانصاف أن يشمل قانون العفو سراّق أموال البطاقة التموينية أو العقود العسكرية التي تحمي البلاد من الارهاب؟
العراقيون يخشون أن تمّر عملية محاربة الفاسدين كتمثيلية لها وقت عرض واحد لايتكرر أو استعراض انتخابي زاخر، في حين إنّ هناك سرقة كبرى تحدث في زاوية أخرى من البلاد بهدوء وانسيابية وتحت عناوين شرعية أحياناً.
التعليقات