علي بن محمد الرباعي

ربما تلتمس العذر لمن يعاديك لأسباب ذاتية، وتتفهم موقف دولة معادية لدولتك، أو حزب شيطاني توارث أحقاد وضغائن التاريخ ليجعل من الحاضر والمستقبل ساحة تصفية حسابات، لكن يصعب على الوطن أن يتفهم موقف جماعة نعمت بأمنه، واغتنت من خيره، وارتفعت أسهمها بسبب حنوه عليها، وعلا شأنها بنصرتها لهم في زمن خذلها أقرب المقربين.

كنتُ وما زلتُ وسأظل مؤمناً أن ضرر الإسلام السياسي أكبر من نفعه، فلا أحد عبث بالدِّين الإسلامي في سبيل تسييسه مثلهم، وليس من مكوّن نجح في تحزيب المجتمعات لتخريبها كما فعلوا، ولم تبلغ جماعة أو حزب ما بلغوه من أدلجة العقيدة، وتأطير الإسلام في إطار أضيق من سمّ الخياط لينفسوا من خلال بسطاء الناس احتقاناتهم، ولا غرابة أن يكفروا بالأوطان لأن ثقافتهم ثقافة قطاع طرق، ينطبق عليها قول الحق (يعرفون نعمة الله ثم ينكرونها).

كانت بلاد العُرب مساحة حرة لأبشع صور حضورهم تاريخياً، وممارساتهم العدوانية، ولو ذهبت إلى التاريخ البعيد، واجتهدت في تقصي الحقائق لوجدت أنهم تسببوا في مقتل الأبرياء، وكفّروا الفلاسفة، وأحرقوا العرفانيين، وهم ببلادتهم وضعف عقولهم وأحقادهم وضغائنهم من تسبب في ضياع الأمة التي يتباكون عليها اليوم.

عشنا حقبة الصحوة بكل تفاصيلها، ورأينا في رموزهم من حُبِّ الدنيا، ونهم جمع المال، ما يجعلنا نطرح أسئلة منها (هل دعوتهم حقاً للعودة إلى الإسلام)، و(هل ينطلقون من براءة الذمة أمام الله)، و(هل يتبعون منهج طهارة النفس ونقاء القلب)، و(هل يحرصون على هدي النبي عليه الصلاة والسلام) الجواب كلا. فكل أدبيات الإخوان والسروريين لا تعدو البهللة.

أزمنة مضت ونحن نسمع منهم ونصغي إليهم وهم يؤصلون فينا تكثير الأنصار، وتأهيل الأجناد، وتعبئة الصفوف، ولم نسأل (لمن كل هذا الإعداد)؟ إلا بعد أن ظهر أنهم يعبئون المواطن ضد وطنه، ويحرضون الإنسان على أهله، وطيلة ثلاثة عقود مضت أتساءل «ما الذي حققته الصحوة من منجز محلي أو عربي أو إسلامي»؟ وهل تحررت فلسطين على أيديهم ؟!