محمد الحمادي 

لافتة للنظر كانت كلمة أمير قطر الأخيرة التي ألقاها منذ أيام في مؤتمر ميونيخ للأمن، وأغرب ما فيها أن الأمير حاول أن يلعب على الغرب، وأن يتذاكى على الغربيين، فقام بإعطائهم جرعة من الشعارات البراقة والدعوات الخادعة التي لم تعد تنطلي على دول المنطقة، فهل ستنطلي على تلك الدول القوية بمؤسساتها، والعريقة بخبراتها، والراسخة بكم المعلومات التي تمتلكها؟

غريب جداً أن تعتقد قطر حتى هذه الساعة أنها على حق، والأغرب أن تتوهم أن الدول التي تقف بجانبها مؤمنة بها، أو مؤيدة لها، فالعالم كله يدرك أن قطر في نظر كثير من الدول الإقليمية ودول العالم ما هي إلا صفقة رابحة سهلة المنال.

الخطاب الذي ألقاه أمير قطر في ميونيخ هو الرابع منذ أزمة المقاطعة، اثنان منها داخليان، واثنان خارجيان، ولم تختلف لغة الخطاب ولا الرسائل في أي من الخطابات الأربعة، لكن خطاب ميونيخ كان لافتاً، لأنه كان محاولة لخداع الأوروبيين في عقر دارهم، ونشير إلى بعض ما تناوله الخطاب.

فالخدعة الكبرى عندما قال مخاطباً الأوروبيين إن «الاتحاد الأوروبي أثبت أن الوحدة تقوم على المصالح الأمنية المشتركة»، فهل حافظت قطر على المصالح الأمنية لدول الخليج والدول العربية، أم أنها قامت بعكس ذلك تماماً، بإثارتها المشكلات في دول جيرانها، وبالإثارة الإعلامية بنشر الإشاعات والأكاذيب، خصوصاً على قناة الجزيرة؟

أمير قطر حاول أن يبيع الغربيين بضاعة قديمة عندما قال لهم «الظلم مهد الطريق لازدهار الإرهاب»، وكأن العالم لا يدرك أن الأموال القطرية العابرة للقارات هي أكثر من ساعد على ازدهار الإرهاب وانتشاره، بل واستمراره! ولا أحد بالتأكيد يشك في ذلك.

حاول في كلمته أن يلغي مجلس التعاون الخليجي عندما قال «الأزمة الخليجية التي أحدثها جيراننا حالت دون وجود منطقة الخليج ككيان سياسي»، ونسي أن من زعزع كيان مجلس التعاون الخليجي على مدى عقدين من الزمان هو نظام والده، وأن من تآمر على دول الخليج لإسقاط الأسر الحاكمة فيها هي قطر، فلم تسلم دولة من مؤامرات قطر ابتداءً بالسعودية والكويت والإمارات والبحرين، فمن يخدع أمير قطر بحديثه هذا؟!

تفاخر أمير قطر أمام الغرب بأن «قطر أكثر بلدان العالم أمناً وسلاماً»، ونسي أنه لم يأبه إلا بأمن وسلام بلده، وقبل أن تعيش الدول العربية الأخرى في حرب ودمار، فمصر وليبيا وسوريا واليمن والعراق، وحتى فلسطين لم تسلم من تدخلات قطر المباشرة وغير المباشرة، فهل يكفي الدوحة أن تكون آمنة وأن يعيش جيرانها في حروب وصراعات؟!

والخدعة الأخرى التي تكلم عنها أمير قطر أمام مؤتمر ميونيخ هي أن «دول الحصار تصر على أن نتخلى عن حرية الصحافة والتعبير».. فهل في قطر حرية صحافة وحرية تعبير؟! هذا أغرب ما يمكن سماعه عن قطر عندما نشاهد قنواتها التلفزيونية ونطالع صحفها، لا نقول إلا: كان الله في عون الإعلام والإعلاميين في قطر.