فاتح عبد السلام 

اعادة‭ ‬اعمار‭ ‬العراق‭ ‬لا‭ ‬تتم‭ ‬عبر‭ ‬مؤتمرات‭ ‬دولية‭ ‬لجمع‭ ‬الأموال‭ ‬،‭ ‬فذلك‭ ‬الحد‭ ‬الأدنى‭ ‬من‭ ‬العملية‭ ‬التي‭ ‬يحتاجها‭ ‬العراق‭ . ‬عندما‭ ‬تغيب‭ ‬الخطة‭ ‬المركزية‭ ‬المخولة‭ ‬تنصب‭ ‬العيون‭ ‬على‭ ‬الاموال‭ ‬فحسب‭ ‬،‭ ‬مع‭ ‬ما‭ ‬تعنيه‭ ‬كلمة‭ ‬الاموال‭ ‬من‭ ‬مرادفات‭ ‬الفساد‭ ‬في‭ ‬واقع‭ ‬عراقي‭ ‬متفسخ‭ ‬من‭ ‬المستحيل‭ ‬اصلاحه‭ ‬بالأدوات‭ ‬المتداولة‭ ‬اليوم‭ .‬

لننظر‭ ‬الى‭ ‬تجارب‭ ‬الدول‭ ‬الأخرى‭ ‬في‭ ‬النهوض‭ ‬،‭ ‬أعلم‭ ‬انّ‭ ‬السياسيين‭ ‬الان‭ ‬مخبوصون‭ ‬وراغبون‭ ‬عن‭ ‬التفكير‭ ‬بأكثر‭ ‬من‭ ‬حظوظهم‭ ‬التعيسة‭ ‬للفوز‭ ‬بالانتخابات‭ ‬محسومة‭ ‬الأطر،‭ ‬لذلك‭ ‬لابد‭ ‬أن‭ ‬تتصدى‭ ‬منظمات‭ ‬ومؤسسات‭ ‬أهلية‭ ‬تخص‭ ‬المجتمع‭ ‬المدني‭ ‬للتفكير‭ ‬بالبدائل‭ .‬

وأعلم‭ ‬هنا‭ ‬أيضاً‭ ‬انّ‭ ‬كل‭ ‬شيء‭ ‬مرتبط‭ ‬بآليات‭ ‬الحكومة‭ ‬وبرامجها‭ ‬وتحالفاتها‭ ‬وتنسيقاتها‭ ‬السياسية‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬تشترك‭ ‬الطاقات‭ ‬المستقلة‭ ‬في‭ ‬دائرة‭ ‬اتخاذ‭ ‬القرارات‭ ‬الخاصة‭ ‬بإعادة‭ ‬الاعمار‭ . ‬في‭ ‬اليابان‭ ‬حين‭ ‬وقعت‭ ‬نكبة‭ ‬هيروشيما‭ ‬التي‭ ‬لدينا‭ ‬مجسم‭ ‬مصغر‭ ‬لها‭ ‬في‭ ‬الجانب‭ ‬الايمن‭ ‬من‭ ‬الموصل‭ ‬،‭ ‬كان‭ ‬القرار‭ ‬في‭ ‬إعادة‭ ‬الاعمار‭ ‬بيد‭ ‬منظمات‭ ‬ورجالات‭ ‬ومؤسسات‭ ‬المجتمع‭ ‬المدني‭ ‬وليس‭ ‬بيد‭ ‬السياسيين‭ ‬،‭ ‬فالسياسي‭ ‬تفرّغ‭ ‬لتصريف‭ ‬شؤون‭ ‬البلاد‭ ‬العامة‭ ‬،‭ ‬واهتمت‭ ‬النخب‭ ‬اليابانية‭ ‬بتقديم‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬تمتلكه‭ ‬وتقدر‭ ‬على‭ ‬تسخيره‭ ‬في‭ ‬بناء‭ ‬البلد‭ ‬من‭ ‬جديد‭ . ‬المسألة‭ ‬لا‭ ‬تخضع‭ ‬للأهواء‭ ‬السياسية‭ ‬ولا‭ ‬المساومات‭ ‬الدولية‭ .‬

‭ ‬إنّ‭ ‬ما‭ ‬نحتاجه‭ ‬فقط‭ ‬هو‭ ‬القرار‭ ‬الوطني‭ ‬المستقل‭ ‬في‭ ‬تشكيل‭ ‬الهيئة‭ ‬العليا‭ ‬لبناء‭ ‬العراق‭ ‬مطلقة‭ ‬الصلاحيات‭ ‬ومراقبة‭ ‬من‭ ‬اكثر‭ ‬من‭ ‬هيئة‭ ‬وتشكيل‭ ‬،‭ ‬تتولى‭ ‬وضع‭ ‬خطط‭ ‬اعدة‭ ‬البناء‭ ‬بحسب‭ ‬حاجة‭ ‬العراق‭ ‬لعشرين‭ ‬سنة‭ ‬مقبلة‭ ‬في‭ ‬أقل‭ ‬تقدير‭ ‬،‭ ‬لكي‭ ‬نضمن‭ ‬كيف‭ ‬نوفر‭ ‬فرص‭ ‬عمل‭ ‬وتسيير‭ ‬المجريات‭ ‬الاقتصادية‭ ‬مع‭ ‬عملية‭ ‬البناء‭ .‬

يجب‭ ‬أن‭ ‬نقسم‭ ‬البناء‭ ‬لمراحل‭ ‬ولكل‭ ‬مرحلة‭ ‬رصيدها‭ ‬من‭ ‬المؤهلات‭ ‬والاموال‭ ‬والدعم‭ ‬الدولي‭ ‬،‭ ‬لكي‭ ‬نعرف‭ ‬أين‭ ‬نتجه‭ ‬في‭ ‬العمار‭ ‬بحسب‭ ‬خطة‭ ‬معروفة‭ ‬ومعلنة‭ ‬في‭ ‬الاعلام‭ ‬لكل‭ ‬الناس‭ ‬،‭ ‬فهي‭ ‬ليست‭ ‬عملية‭ ‬سرية‭ ‬وانما‭ ‬هي‭ ‬حملة‭ ‬وطنية‭ ‬شاملة‭ ‬تحتاج‭ ‬استقدام‭ ‬العقول‭ ‬العراقية‭ ‬من‭ ‬الخارج‭ ‬في‭ ‬عقود‭ ‬انتاجية‭ ‬محددة‭ ‬مع‭ ‬عمر‭ ‬المشاريع‭ ‬ومراحل‭ ‬البناء‭ . ‬بغير‭ ‬هذا‭ ‬،‭ ‬لا‭ ‬ندري‭ ‬الى‭ ‬أين‭ ‬نحن‭ ‬ذاهبون‭ ‬،‭ ‬وقد‭ ‬اختلط‭ ‬مفهوم‭ ‬اعادة‭ ‬البناء‭ ‬بترقيع‭ ‬الموازنة‭ ‬التي‭ ‬تتآكل‭ ‬في‭ ‬بنود‭ ‬لم‭ ‬يتم‭ ‬اعادة‭ ‬هيكلتها‭ ‬حتى‭ ‬الآن‭ ‬ومعظمها‭ ‬صرفيات‭ ‬ذات‭ ‬دلالات‭ ‬سياسية‭ ‬تضع‭ ‬فارقا‭ ‬سياسيا‭ ‬بين‭ ‬مواطن‭ ‬عراقي‭ ‬عادي‭ ‬وآخر‭ ‬قاتل‭ ‬النظام‭ ‬السابق‭ ‬قبل‭ ‬سنوات‭ ‬،‭ ‬وهي‭ ‬تصنيفات‭ ‬انتهى‭ ‬مفعولها‭ ‬بعد‭ ‬خمسة‭ ‬عشر‭ ‬عاماً‭ ‬من‭ ‬التغيير‭ ‬الذي‭ ‬حدث‭ ‬في‭ ‬المسميات‭ ‬ولا‭ ‬يزال‭ ‬الواقع‭ ‬يعيش‭ ‬التردي‭ ‬العميق‭ .‬