محمد آل سلطان
عندما تصغر الدولة وتتحكم الميليشيا الإرهابية في بلد ما ويصبح سلاحها وصوتها فوق صوت الدولة فإن أي حديث عن الانتخابات والديمقراطية يظل حديثاً عبثياً ومجرد ذر للرماد في العيون، في لبنان العزيز حالة شاذة فلا الدولة تستطيع أن تحكم ولا الميليشيا الإرهابية المسماة «حزب الله» تريد أن تكون في واجهة الحكم لتتحمل مسؤولياتها وقراراتها..!
العمامة الإرهابية في لبنان تريد ممسحة من ربطة عنق أو كرفتة الدولة.. وسيان إن فازت أية كتلة وطنية بالأغلبية في البرلمان أو خسرت مقاعدها فيه فالنتيجة النهائية التي يريدها ويعمل عليها ما يسمى «حزب الله» هي ربطة عنق أنيقة في رئاسة الحكومة اللبنانية تتدلى فوق خرقة سوداء قاتمة وتلتف من فوقها عمامة الحزب حتى تحركها يميناً أو شمالاً !
أعداء السعودية ومعهم بعض المغفلين يعتقدون أنهم إن دمروا أوطانهم وقتلوا شعوبهم وحرفوا التنمية عن مسارها في بلدانهم وخسروا منطق الدولة الوطنية لمصلحة الدولة الطائفية فهم يغيظون السعودية أو ينتقمون منها.. أضحك كثيراً من هذا المنطق الأعوج أن ترضى بأن ينتحر وطنك ودولتك وشعبك وتصرخ فرحاً أن السعودية التي تزداد قوة على كل الأصعدة خسرت في بيروت !
والمنطق الصحيح أن لبنان واللبنانيين هم من خسروا والسعودية هي التي ربحت أولاً نفسها ومنطق الحق والنظام والدولة الوطنية المتماسكة، وستكسب أكثر فيما لو تركت كتلة المستقبل بقيادة سعد الحريري أو غيره من الشخصيات السنية فكرة أن ترأس حكومة بالية لاتملك من أمرها شيئاً إلا أن تضع ربطة عنق تجميلية على العمامة والجلباب الإيراني !
فيما لو تخلى الوطنيون اللبنانيون عن لعب دور الستارة على الوجه القبيح للميليشيا الإرهابية المسماة «حزب الله» فإن الذريعة الدولية أصبحت متاحة وواضحة للعيان في اعتبار لبنان حكومة إرهابية بامتياز دون ماكياج يجمل الوجه القبيح للحزب الذي يجر وطنه في صراعات خارجية في اليمن وسوريا وهو أضعف من أن يستطيع أن يتحمل تبعاتها.. اللبنانيون اختاروا وبغض النظر عن ظروف الانتخابات وتفصيل مقاساتها ولكن هذا الحق الأصيل لهم في وطنهم لا يخولهم بالتأكيد أن يرضوا أن يكونوا أداة لإيران تستخدمهم في ألعاب قذرة تمارس ضد أمن السعودية أو مجالها الاستراتيجي.
السعودية أكبر الرابحين في لبنان فيما لو أنها استردت كثيراً من الودائع والاستثمارات وأوقفت التحويلات الصادرة منها، وهي أيضاً ستربح أكبر فيما لو لم يتم بعد الآن استخدام سعد الحريري أو غيره سواء أكان حاضراً أو غائباً بأكثرية أو بأقلية أن يكون ستارة وغطاء شرعياً لمنظمة إرهابية تستحق أن يجرد عنها كل الامتيازات التي طالما منحتها السعودية ودول الخليج للبنان واللبنانيين !
لبنان هذا البلد الجميل غير مؤثر سياسياً في المنطقة ولايمكن أن يشكل مستقبلها أو حاضرها، ولكن الجميع أيضاً يتفق أنه يشكل مرآة ونتيجة للأوضاع المختلة في المنطقة والاختطاف الذي يجري لتفتيت منطق الدولة الوطنية وبما أن الأمور مازالت تجري على هذا الحال فإنه لامناص من التعامل كما يقول اللبنانيون أنفسهم في يومياتهم «ماحدا لحدا ياحبيبي» حتى لايعتب بعد الانتخابات على السعودية أو دول الخليج في أن تبحث هي أيضاً عن مصالحها وأمنهم الوطني دون أدنى اعتبار لأي «حدا» !
التعليقات