خالد الطراح
قلت اوقفي لي وارفعي البوشيه . . . خليني أروي ضامر العطشاني
شفت الجدايل واحسبك روميه . . . ثاري الزلوف مقرضه يا اخواني
الخد ياضي لي برق وسميه . . . والعين تشبه ساعة الرباني
قلت العبي قالت انا رياضية . . . أبــا أتعلــم لعبة الشباني
هذه الكلمات جزء من الأغنية الشهيرة «البوشية» التي انتشرت خليجيا وعربيا من جيل إلى جيل، وهي تعبير عن تراث كويتي وخليجي قديم، حين كانت النساء يلبسن الثوب بالرقص والعباءة والبوشية والملفع (غطاء من خام شفاف على الوجه والرأس) حين يخرجن خارج بيوتهن، وقد ساد ذلك مع تاريخ الكويت، حتى قبل الاستقلال، إلى أن دخلت المجتمع الكويتي مفاهيم اجتماعية متحفظة، ليست محل اعتراض، فلكل أسرة وفرد الحق في ما يختار ويقرر، منهجا وسلوكا وحياة.
تتكرر الأغنية بمعانيها وألحانها، كلما رأيت حملة «حجابي» بشوارع الكويت، متسائلا حينا عن ذنب النساء غير المحجبات من أمهات وجدات، منهن من توفاهن العلي القدير، ومنهن ربما على قيد الحياة، ومازلن متمسكات بهذه التقاليد والعادات الكويتية، وكذلك أحفادهن، ومشفقا حينا آخر على تاريخ مجتمع لم يعرف سوى التسامح والانفتاح، وهو تاريخ موثق على يد رواد التنوير والثقافة، شاركت فيه نساء الكويت اللاتي ذهبن إلى التعليم في الخارج منذ الخمسينات، وقبل ذلك أيضا، وقدن نهضة التعليم مع إخوتهن من أبناء الكويت بمختلف فئات وشرائح المجتمع الذي ضم المسلمين والمسيحيين!
وزارة الأوقاف لم تبين رأيها الرسمي بشأن حملة «حجابي»، ربما بسبب انشغالها بـ«التخبطات والصراعات» التي تعيشها هذه الأيام، كما ورد في خبر «الراي» 30 / 4 / 2018، وهي ظاهرة ليست جديدة على وزارة تتصارع وتتنافس عليها تيارات دينية، وكأن الكويت نزعت عباءة الإسلام وتمردت على القيم والتقاليد والعادات وتشهد «إلحادا معاصرا» كما ورد في خطبة الجمعة 23 / 3 / 2018.
هناك موسيقيون وفنانون ومؤرخون ساهموا بالفرح وتصدير قيم وطنية وتاريخ الدولة من دون تشويه في مناسبات مختلفة، وساهموا أيضا في الأزمات والمحن، وخير برهان ما عرفه شعب الكويت إبان فترة الاحتلال داخل الكويت وخارجها، كالليلة المحمدية في القاهرة، وما قدمه فقيد الكويت الشهيد فايق عبدالجليل (العياضي) مع رفاق المقاومة بالكلمات والالحان التي أرعبت جيش طاغية بغداد.
لن يستفيد أي أحد من النفخ في جمرة الفتنة الاجتماعية، فنساء الكويت غير المحجبات ومن يؤيد هذه الحريات ليسوا ضد الإسلام وانتشاره في العالم، لأنهم في الأساس جزء من مجتمع متسامح بدينه وذي تاريخ وتقاليد وعادات لم يطوِها النسيان أو يدنسها التشويه!
هناك بعض القوى تسعى إلى تصوير فئات من الشعب الكويتي بأنها خصم رهيب للإسلام، وهو تصور غير صحيح مطلقا وتجن على جيل الرواد واليوم والمستقبل.
ماذا نقول لجيل اليوم من مبدعين كويتيين تغنوا بأغنية البوشية وغيرها من أغان تراثية؟ هل نتبرأ من هذا التاريخ وننكر هذا التدفق الإبداعي على يد مواطنين كويتيين؟!
هل المطلوب اجتزاء التاريخ كما يهوى البعض اليوم؟!
***
عميق الشكر والامتنان للأخ الفاضل النائب محمد الدلال، على اتصاله الهاتفي بخصوص مقالي «شكرا للحركة الدستورية»، متمنيا النجاح لمشروع القانون المتعلق بترخيص التجمعات السياسية، وأن يتوج المقترح بدعم وتعاون كل القوى السياسية من داخل مجلس الأمة وخارجه أيضا.
***
مبارك عليكم الشهر وعساكم من عوّاده.
التعليقات