محمد آل الشيخ

 سؤال يدور في المجالس هذه الأيام مفاده: لو دارت حرب بين إسرائيل وإيران، فمن ستقف معه؟.. قلت، وبلا تردد: طبعًا سأقف بكل قوة مع إسرائيل، وسوف أساندها قدر ما أستطيع؛ فإيران عدو وجودي، ينطلق في قتاله من منطلقات كهنوتية عقدية، فهو يعتبر أن وجودنا كدول سنية تفريط بدم الحسين، ويتهمنا زورًا وبهتانًا بقتله. لذلك فبقاء هذه الدولة زوالٌ لنا، كما أن زوال هذه الدولة بقاء لنا واستقرار؛ والإيرانيون حينما يجعجعون ضد إسرائيل، ويدّعون عداوتها، ويدعمون ما يسمونه بالمقاومة، يعلمون يقينًا أن إسرائيل دولة نووية لا يستطيعون بأسلحتهم البدائية مواجهتها، فبإمكانها أن تمسح إيران من الخريطة بقصفها بالرؤوس النووية، التي تقول التقارير إنها تمتلك منها (مائتي رأس)، والملالي يدركون ذلك جيدًا؛ أي أن استغلال العداوة مع إسرائيل، والدعم المزعوم للمقاومة، لا يعدو أن يكون ذرًا للرماد في العيون، واستقطابًا للعرب، وبالذات عرب الشمال المهزومين، الذين ما إن تذكر قضية فلسطين وتحريرها، حتى ينساقوا وراء هذا المدعي الأفاك أيًا كان، دون أن يسألوا سؤالاً بسيطاً مؤداه: هل لديهم من السلاح ما يضاهي السلاح النووي الإسرائيلي.

مطية تحرير فلسطين ركبها كثير من الزعماء العرب، خاصة من قفزوا إلى السلطة بانقلاب عسكري، كمُبرر لشرعية مختلقة لمن يفتقر إلى شرعية سياسية للبقاء، فقد استخدمها عبدالناصر وادعى أنه سيلقي الإسرائيلين في البحر، واتسعت إسرائيل في عهده الزاهر أضعاف ما كانت عليه، واستخدمها حافظ الأسد ليحكم سوريا وفقدت سوريا الجولان، إضافة إلى أنه ينحدر من طائفة لا يزيد تعدادها عن العشرة بالمائة من مجموع السوريين؛ واستخدمها صدام حسين عندما أراد غزو الكويت وضمها، ورفع شعار (الطريق لفلسطين يمر بالكويت)، وصدقه المغفلون العرب، وصفق له حينها الحمساويون في غزة، وامتلأت شوارع غزة بالفلسطينيين يهتفون (بالكيماوي يا صدام)، في حقد وكراهية تجعل المغفلين الآن الذين يبيعون مصالح أوطانهم من الخليجيين ويقفون مع إيران، هم أقذر وأنجس وأغبى من وطأ الحصى.

صراعنا مع إيران صراع مصيري ومعركتنا معها معركة مصيرية، تتعلق بوجودنا، لذلك فإن إيران الملالي الكهنوتية نقف معها على طرفي نقيض، من مصلحتنا أن تزول كنظام وتجتث من الأرض، ولا يهمني من يقوم بهذه المهمة، فسأقف معه كائناً من كان بكل قوة وسأناصره قدر استطاعتي، أما شعبها فهو مغلوب على أمره؛ ويجب أن يعرف عرب الشمال، متأسلموهم وقوميوهم، أننا لن نضحي بأمننا القومي، بل وبوجودنا، مقابل أن تنصر قضيتكم، فإذا كان أمننا واستقرارنا وبقاؤنا لا يعنيكم، لذلك تناصرون عدونا الوجودي، فلا تنتظروا منا إلا أن نعاملكم بالمثل، وكل سعودي قال غير ذلك فإنه عدو لوطنه، يسعى إلى أن يحيل بلدنا إلى سوريا وليبيا ثانية؛ أو إذا أحسنا الظن به فربما يكون كهل عروبي أكل عليه الدهر وشرب، تربى منذ نعومة أظفاره على القومجية العروبية، ويجد أن التخلي عنها هزيمة وجدانية؛ ومثل هؤلاء في الغالب لا عقلانيون، يفضلون الموت على أن يتخلوا عن أحلامهم، بل وأوهامهم القومية، ذلك الحلم الكاذب الذي كان سببًا لكل مآسينا التنموية، وتخلفنا عن ركب الحضارات.

أعرف يقيناً أن السلام حتم وليس خيارًا وأن بني يعرب الرافضين ليس في أيديهم إلا تدبيج الكلام والخطب التي لم تقتل بعوضة قط، وأعرف أيضًا أن عرب الشمال قوم مفلسون، كما أعرف أن من حالف المفلسين وناصرهم، فسيجرونه إلى مصيرهم في النهاية، وليقولوا عني ما يقولون.

إلى اللقاء