طلال عبدالكريم العرب

 

 

لابد أن هناك بديلاً يخرجنا من عنق زجاجة مضيق هرمز، فحسب علمنا هناك تفكير جدي بمد خطوط أنابيب للتصدير من السعودية والإمارات ناحية بحر العرب جنوب الجزيرة العربية، وهناك إمكانية كبيرة للتصدير عبر البحر الأحمر، وحتى الى البحر الأبيض المتوسط، بل هناك فعلا خطوط أنابيب موجودة تتيح للسعودية والعراق تصدير جزء من نفطهما الى هذين البحرين.

فهناك خط أنابيب موجود معروف بخط سوميد، ينقل جزءا من النفط السعودي مباشرة الى البحر الأبيض المتوسط عابرا البحر الأحمر، لينتهي الى ساحل البحر الأبيض المتوسط بالإسكندرية، وكان يمثل بديلا لقناة السويس المغلقة منذ هزيمة 1967 واحتلال إسرائيل لضفة القناة الشرقية، هذا الخط مملوك للشركة العربية لأنابيب البترول، وتساهم فيها كل من الكويت ومصر والإمارات والسعودية وقطر.
وهناك خط أنابيب عراقي ــ سعودي أنشئ في منتصف الثمانينات، لينقل جزءاً من النفط العراقي، ليكون بديلا عن مضيق هرمز، وعن موانئ التصدير العراقية المغلقة إبان حرب الخليج الأولى، فربطت منشآت النفط العراقية الجنوبية بمصب قريب من ميناء ينبع السعودي على البحر الأحمر، فهناك حلول وبدائل لمضيق هرمز متوافرة ومدروسة وقابلة للتنفيذ، كان في الإمكان توفيرها منذ عقود لمثل هذا اليوم.
ولكن يبدو أن الكويت خارج هذه المشاريع والخطط والاحتمالات المهددة لأمنها، وكأنها مستسلمة لقدرها، فهل الكويت خارج الحسبة لسبب خارجي أم هو تقاعس كارثي من الجانب الكويتي؟ فهل يعقل أن موضوعاً بخطورة احتمالية تعرض مضيق هرمز للإغلاق لم يخطر على بال راسمي الاستراتيجية الأمنية الكويتية؟ وهل يعقل أن الحكومة الكويتية لم تستوعب تجربتها المؤلمة إبان حرب الناقلات، التي كانت الناقلات الكويتية ومنشآتها النفطية تتعرض للاستهداف الإيراني ليل نهار؟
فماذا أعددنا ككويتيين لمواجهة تهور ايراني إن حصل ضد مصادر رزقنا؟ وماذا اعدت الدول المطلة على الخليج العربي لمواجهته؟ ونحن هنا لا نستثني العراق، فهو ليس بمعزل عن التدخل الإيراني، فهل سيكون العراقيون مستعدين للوقوف مع أشقائهم العرب؟ وهل هم مستوعبون أن إغلاق مضيق هرمز سيضرهم بقدر ضرره لنا؟ وأننا كلنا كعرب في سفينة واحدة، وأن علينا جميعا منع إيران من إغلاق مضيق هرمز؟
ولنقلها بصراحة مؤلمة: فاذا ما تمادت إيران واستطاعت عسكريا اغلاق مضيق هرمز، فليس هناك بدائل كافية، وخاصة للكويت، فليس هناك منظومة نفطية خليجية، وليس هناك وجود لأي منشآت أو خطوط تموين وتصدير استراتيجية مشتركة تربط بين الدول الخليجية، ولا وجود لأي ربط مشترك بمصبات متعددة وموزعة على مناطق جغرافية مختلفة لتقليل المخاطر وزيادة المرونة في الاختيار وقت الضرورة، كسواحل عمان واليمن والسعودية ومصر، ولن نبالغ إذا ما تمنينا أن تشمل البدائل تركيا، وحتى سوريا حال استتباب الأمن فيها.
نعتقد أن وضعنا الحالي لا يبشر بخير، فالجمود هو السائد وتجميد أو رفض المشاريع الحيوية المشتركة هو المتبع، والعلاقات الشخصية المتأزمة والتناحر هما اللذان يتحكمان في قراراتنا، ولا تزال المشاكل الإعلامية والسياسات العقيمة تقف حجر عثرة أمام تنفيذ أي تكامل مع الآخرين، فقد كان يفترض بدول الخليج بلا استثناء أن تعتبر من مجريات الأحداث السابقة، وان تستعد لمواجهة كوارث وأزمات الكل كان يتوقعها، ولكن ربعنا نيام نيام، فهل التهديد الأخير بغلق مضيق هرمز كافٍ لإيقاظهم؟
أما بالنسبة للنظام الايراني، فلا ندري ما إذا كان يعلم بأن مضيق هرمز هو اهم ممر مائي في العالم، فهو اهم من مضيق تيران الذي اغلقه جمال عبدالناصر في وجه الملاحة الاسرائيلية، فتسبب باندلاع حرب 1967، وأهم من قناتي السويس وبنما. مضيق هرمز بالنسبة للغرب ولكل العالم، وللصين تحديدا، اهم من اي دولة نفطية منفردة، فإغلاق المضيق يعني خنق العالم وقطع شريان الطاقة عنه، يعني إعلان حرب.