& صلاح بن فهد الشلهوب

&

المنتدى الأشهر اقتصاديا في العالم يتحدث في نسخته الـ49 عام 2019، عن "العولمة في نسختها الرابعة تشكيل شكل العالم في عصر الثورة الصناعية الرابعة"Globalization 4.0: shaping a Global Architecture in the age of the fourth industrial Revolution.
هذا العنوان للمنتدى الاقتصادي يحمل كثيرا من المعاني لشكل العالم في المستقبل القريب، الذي أصبح يتطلع إلى نمط مختلف من الحياة، يعتمد فيه الإنسان بصورة أكبر على الذكاء الاصطناعي، إضافة إلى تنوع مصادر الطاقة بدلا من الاعتماد على النفط، كما أن هذا العالم قد تغير بالفعل في مجال الاتصالات؛ حيث أصبح يتقارب في كل عام بصورة أكبر، وأصبح التواصل بين الناس لا يعرف الحدود أو المسافات.


في الوقت الذي تم فيه إعلان مدينة نيوم، والبدء فعليا في المشروع والتقدم فيه، يتحدث المؤتمر عن العالم في شكله الجديد، الذي يمكن أن يكون "نيوم" أحد نماذجه. لعل من أهم القضايا التي يمكن أن تشغل الإنسان اليوم، خصوصا من هم على مقاعد الدراسة في التعليم العام، هو: ما التخصصات التي يمكن أن تمكننا من الحصول على أفضل الوظائف؟ وكيف يمكن أن نتعايش مع هذا الواقع الجديد الذي له أدواته المختلفة عن أدوات العالم بصورته الحالية اليوم؟ فهناك من يتحدث عن وظائف قد تكون لها مكانة عالمية اليوم، مثل بعض التخصصات في الطب، ولكن قد لا يكون لها مكان في المستقبل؛ حيث إن الذكاء الاصطناعي يمكن أن يحل محل الإنسان في هذه المهنة، وهذا بلا شك تحد كبير للمجتمع، خصوصا في ظل وجود تغييرات لا يدركها كثيرون حاليا، قد تؤثر في حياتهم بشكل كبير مستقبلا.


ومن التحديات التي يمكن أن تواجه المجتمع، شكل التجارة والصناعة في المستقبل؛ حيث إن الإنسان بدأ يعتمد بصورة أكبر على التقنية في عمليات التجارة، والتحدي هنا كيف تكون لتجار التجزئة والتاجر المحلي القدرة على منافسة المواقع التجارية العالمية الضخمة والكبرى، التي أصبحت تصل إلى كل بيت، بل قد تكون فرص الشراء منها لكثير من الناس أكبر من فرص الشراء من المتاجر العامة، خصوصا في المدن الصغيرة والقرى، التي أصبح من المشقة عليهم التسوق من المدن الكبرى. أما فيما يتعلق بالصناعة، فإن الآلات تتطور حاليا لتحل محل الإنسان في معظم خطوات الإنتاج، وقد لا يكون للإنسان مكان في كثير من المصانع، وهنا تأتي أهمية العناية بوظائف المستقبل، والاستعداد لواقع مختلف عما نعيشه اليوم. ما زالت مجموعة من المؤسسات التعليمية بعيدة نوعا ما عن الاستعداد للواقع الجديد، ومواءمة برامجها التحولات في المملكة والعالم، وهذا قد يكون له أثر سلبي في خيارات الطلاب عند التحاقهم بالجامعات ومؤسسات التدريب في المملكة، ولذلك من المهم أن تكون لديهم خطط وبرامج معلنة في هذا المجال، كما أن المراكز البحثية لدينا، يجب أن تكون لها إسهامات في مشاريع تعتني بالمجالات التقنية ووظائف المستقبل؛ إذ إن المنافسة ستكون عالمية، ولن يكون الحل توطين الوظائف حينها.
اللقاء الخاص بالمملكة هذا العام يركز على نتائج البرامج التي بدأت فعليا؛ حيث حمل عنوان: المرحلة المقبلة للمملكة العربية السعودية Next Step for Saudi Arabia، وهو امتداد للبرامج والمشاريع المتنوعة، وتقييم لحجم الإنجازات التي تحققت خلال الفترة القصيرة الماضية، ولا بد هنا من مناقشة التحديات التي يمكن أن تواجه تلك البرامج.


منتدى دافوس هذا العام ستكون فيه مناقشة لقضايا كثيرة مرتبطة بالتحولات التي تعمل عليها المملكة حاليا، خصوصا مع مشاركة كثير من رجال الأعمال والرياديين في العالم في مجال التقنية، ويمكن أن يبرز فيه كثير من القضايا المهمة، خصوصا في مجال التعليم.
الخلاصة: إن منتدى دافوس يأتي في وقت يشهد تحولات كبيرة فيما يتعلق بالواقع الذي يمكن أن يعيشه العالم في المستقبل، وهو يتسق تماما مع ما تطرحه المملكة في مشروع مدينة نيوم، وهو ما يمكن أن تكون عليه الحياة في المستقبل بصورة عامة، حتى في المملكة فإن المؤسسات التعليمية ومراكز الأبحاث ستكون عليها مسؤولية تجاه المجتمع؛ لتُقيم المبادرات والبرامج والبحوث والدراسات في هذا المجال، بما يرسم ملامح العمل والخطط لمختلف القطاعات في المملكة.