أكد صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، أن العمل الثقافي يتطلب مثابرة وصبراً واجتهاداً إلى جانب إلمام تام بضروب الثقافة كافة، ويجب أن يكون هذا العمل مبنياً على ركائز أساسية متينة حتى يتحقق له الاستمرار والديمومة.

جاء ذلك في كلمة لسموه خلال لقائه برؤساء تحرير عدد من الصحف وممثلي المؤسسات الإعلامية المحلية والدولية، خلال زيارة قام بها سموه أمس لجناح إمارة الشارقة، ممثلة بهيئة الشارقة للكتاب المشارك في الدورة 48 من «معرض لندن للكتاب» المقام في أرض المعارض بالعاصمة البريطانية لندن، والذي يعد سوقا عالميا للتفاوض على حقوق النشر إلى جانب بيع وتوزيع المحتوى عبر الصحف المطبوعة والإذاعات الصوتية والقنوات التلفزيونية والمواقع الرقمية.
وتطرق صاحب السمو حاكم الشارقة - خلال حديثه - مستذكرا محاولات الشارقة العديدة في التقديم للحصول على لقب عاصمة عالمية للكتاب، موضحاً أن ذلك لم يكن بالأمر السهل وتطلب منهم التقديم لهذا الأمر لأكثر من 8 مرات حتى تم منح الشارقة هذا اللقب بعد المرة التاسعة، مما يثبت بأن العمل الثقافي يتطلب إصرارا وعزيمة ويجب أن لا تحده حدود.


وقال سموه: «إن هذا اللقب ليس تشريفا بل تكليف يتطلب منا العمل بشكل أكبر وأوسع، حيث لم يعد العمل فقط على المستوى المحلي، وأن لا يكون فرديا، بل عالميا جماعيا».
واستعرض صاحب السمو حاكم الشارقة جهود الإمارة في خدمة الثقافة والمثقفين، والتي امتدت لأكثر من 40 عاماً عبر عدة مؤسسات اعتنت بمختلف أشكال الثقافة وأقامت لها الفعاليات ونظمت لها المهرجانات داخليا وخارجيا، ضمن منهج شارقي يقوم على جناحين هما: العروبة والإسلام.
وأشار سموه إلى أن الشارقة في منجزها الثقافي لا تتطلع إلى تحقيق سبق أو تفرد بل أخذت على عاتقها أن تحقق لكل قطر عربي مثلما تحقق لها، لإيمانها بأنها جزء من هذا العالم العربي الكبير، وأن الثقافة في تلك الأقطار واحدة، لا يمكن تجزئتها، وحتى تتحقق الرسالة السامية للثقافة لابد من العمل الجماعي الذي يوحد الجهود، هدفه في المقام الأول الإنسانية ولا شيء سواها.وحول المشهد الثقافي في الوطن العربي، دعا صاحب السمو حاكم الشارقة إلى ضرورة الاعتناء بشكل أكبر بوزارات الثقافة بدءاً من اختيار الوزير المثقف المدرك لاحتياجات الثقافة والقريب من واقعها، كما أوضح أن الثقافة تحتاج إلى الدعم ويجب أن تحدد لها الميزانيات المناسبة.


وقال سموه: «إذا ما أردنا مجتمعاً مثقفاً مفكراً، يجب أن نبدأ من القاعدة، وعلينا أن نبدأ من الأطفال والناشئة ونربيهم التربية الصحيحة السليمة المرتبطة بثقافة خالية من الشوائب، بذلك نبني مجتمعاً مثقفاً مفكراً».
وأشاد صاحب السمو حاكم الشارقة بواقع المشهد الثقافي الإماراتي الذي وصفه بأنه يسير بخطوات ثابتة نحو الاتجاه السليم، وذلك لما توفر له من كوادر بشرية مقتدرة ومرافق عمرانية متطورة أسهمت في نهوض الحراك الثقافي وتنوعه وحققت له الاستمرارية والتميز.
كما تناول سموه عدداً من المواضيع الجغرافية والتاريخية، مشيراً إلى أهمية كل من الجغرافيا والتاريخ في فهم عادات وثقافات وخصائص الشعوب التي تتباين في معتقداتها وأفكارها وأنماط عيشها.
واختتم صاحب السمو حاكم الشارقة داعيا الكتاب بشكل عام والصحفيين على وجه الخصوص - كتاب المقالات والأعمدة الصحفية منهم - إلى ضرورة العناية بانتقاء المواضيع التي يتطرقون لها، وعلى أن تكون كتاباتهم مبنية على حقائق علمية موثقة، ولا مانع من إبداء الرأي أو وجهة النظر ولكن أن لا تفرض على القارئ كأنها الحقيقة المطلقة.


وكان صاحب السمو حاكم الشارقة تفقد جناح إمارة الشارقة الممثل بهيئة الشارقة للكتاب ترافقه الشيخة بدور بنت سلطان القاسمي نائب رئيس الاتحاد الدولي للناشرين، مستمعا لشرح من القائمين على الجناح حول أهم المشاركات وأبرز العناوين المعروضة وحجم الإقبال الذي شهده الجناح في اليوم الأول للمعرض. وتجدر الإشارة إلى أن إمارة الشارقة بدأت أولى مشاركاتها في فعاليات معرض لندن للكتاب عام 2006.
كما زار سموه جناح جمعية الناشرين الإماراتيين والتقى فيه بعدد من أعضاء مجلس إدارة الجمعية، الذين بدورهم استعرضوا أمام سموه أهم إنجازات الجمعية وخططها المستقبلية.
وعرج صاحب السمو حاكم الشارقة على عدد من دور النشر العربية والأجنبية ليقف فيها على أبرز ما توصلت إليه تلك الدور في عالم النشر والترجمة.
رافق صاحب السمو حاكم الشارقة خلال زيارته لمعرض لندن للكتاب وجولته فيه كل من سليمان حامد سالم المزروعي سفير الدولة لدى المملكة المتحدة ، وعبدالله بن محمد العويس رئيس دائرة الثقافة، وأحمد بن ركاض العامري رئيس هيئة الشارقة للكتاب، وعبدالعزيز حمد تريم مستشار الرئيس التنفيذي مدير عام اتصالات في المناطق الشمالية، ومحمد حسن خلف مدير عام هيئة الشارقة للإذاعة والتلفزيون، وطارق سعيد علاي مدير المكتب الإعلامي لحكومة الشارقة، ومحمد جلال الريسي المدير التنفيذي لوكالة أنباء الإمارات، ومروة العقروبي رئيس المجلس الإماراتي لكتب اليافعين، وعدد من رؤساء تحرير الصحف وممثلي المؤسسات الإعلامية المحلية والدولية وجمع من أصحاب دور النشر العرب والأجانب.

الشارقة عاصمة عالمية للكتاب


وشهد صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، أمس، ضمن زيارة سموه لفعاليات الدورة 48 لمعرض لندن للكتاب، الإعلان عن برنامج أنشطة وفعاليات الاحتفاء بحصول الشارقة على لقب «العاصمة العالمية للكتاب 2019»، الذي منحته لها منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة «اليونسكو»، كأول مدينة خليجية تحمل اللقب، والثالثة عربيا والتاسعة عشرة عالميا.
جاء الإعلان بحضور الشيخة بدور بنت سلطان القاسمي رئيس اللجنة الاستشارية للشارقة عاصمة عالمية للكتاب، حيث تم الكشف عن فعاليات اللقب. إذ تشهد الإمارة احتفالات ضخمة في جميع مناطقها ومدنها بدءا من 23 أبريل المقبل وتتواصل على مدار عام كامل بمشاركة جميع فئات المجتمع من مقيمين وزوار.


واطلع صاحب السمو حاكم الشارقة على المحاور الستة التي حددت فعاليات اللقب، وهي: مجتمع واحد وتعزيز ثقافة القراءة وإحياء التراث والأطفال والشباب والتوعية المجتمعية وصناعة النشر ، إذ تسعى الإمارة إلى تعزيز ثقافة القراءة وغرس قيم الانتماء للمعرفة والكتاب وجعل المطالعة فعلا يوميا سائدا لدى جميع فئات المجتمع لا سيما الأطفال والشباب.
وتعمل الشارقة من خلال المحاور الستة إلى إضافة دعم النشر والناشرين بمجموعة من الخيارات الواعدة، والتأكيد على الاهتمام بإحياء التراث باعتباره خزانة المعرفة والثروة الحقيقية للشعوب التي من خلالها سيتم نقل الروايات العربية والإماراتية وفتح الباب على جمالياتها السردية والمعرفية للأجيال الجديدة من خلال الفعاليات التي تنظمها على مدار العام.