& حسناء القنيعير&

العلاقة بين الإخوان المفسدين وإيران ممتدة من أيام حسن البنا، الذي أثار وسيد قطب إعجاب المرشد الأعلى علي خامنئي فترجم كتابين من كتب قطب إلى الفارسية، ولهذا كان الإخوان ضالعين في التآمر على بلادنا مع إيران، إن سرًا وإن علنًا..

التاريخ "تسجيل ووصف وتحليل للأحداث على أسس علمية محايدة، للوصول إلى حقائق وقواعد تساعد على فهم الحاضر والتنبؤ بالمستقبل"، يلي التاريخ الذاكرة الجمعية التي تعتمد على الرواية الشفوية للأحداث والوثائق المكتوبة. ومنذ أن نشأت الدراما، بأنواعها، كان التاريخ أحد أهمّ موضوعاتها، لا فرق في هذا بين الشعر والمسرح منذ ما قبل الميلاد، والسينما والتلفزيون في مطلع القرن العشرين. لذا فالدراما والمسلسل التاريخي "لا يؤسسان للذاكرة التاريخية أي أنهما ليسا مصدرًا تاريخيًا، وإنما نافذة نطل منها على التاريخ ومصادره ومدوناته، تجسد لنا وقائعه بطريقة درامية شريطة صحة ودقة الواقعة". لهذا تختلف الدراما والمُسلسلات التاريخية عن الأفلام الوثائقية المحكومة بالسرد التاريخي والعرض الأرشيفي الصارم.

لقد مرّت على بلادنا أحداث جسام منذ مطلع القرن الرابع عشر الهجري، بدأها جهيمان أبرهة هذا العصر باقتحام المسجد الحرام، وقد استغلت إيران هذا الحادث الأثيم لتحرض عملاءها في المنطقة الشرقية على إثارة الشغب ظناً منها أن انشغال القوى الأمنية بحادثة الحرم سيمكنها من مواصلة عبثها، تلا ذلك شغب مكة عام 1986، عندما نظمت مجموعة من الحجاج الإيرانيين تظاهرة سياسية، ما أدى إلى حدوث اشتباكات عنيفة بينهم وقوات الأمن. وتواصلت الاعتداءت الإيرانية على بلادنا منذ ذلك التاريخ وحتى اليوم عبر مخالبها في المنطقة مثل حزب الشيطان اللبناني والأقزام الحوثيين.

أما الإخوان المفسدون فهم الأرض الخصبة التي أنتجت السبع الموبقات وعبثت في بلادنا على جميع المستويات، يؤكد هذا ما قاله عنهم الأمير نايف –رحمه الله- في لقاء مع جريدة السياسة الكويتية في 23 نوفمبر 2002: "إنهم أصل البلاء ومصدر كل المشكلات، وإنهم تسببوا في مشكلات جمة للمملكة.. إن الإخوان لما اشتدَّتْ عليهم الأمور لجؤوا إلى المملكة فتحملتهم وصانتهم، وفتحت أمامهم أبواب المدارس والجامعات، لكن مع الأسف لم ينسوا ارتباطاتهم السابقة، فأخذوا يجنِّدون الناس وينشئون التيَّارات، إنهم أساؤوا للمملكة كثيراً». وقد أثبتت الأحداث عمق العلاقة بين الإخوان المفسدين والتنظيمات المتطرفة وحركات العنف المسلح، بدءاً من التكفير والهجرة في السبعينيات، وصولًا إلى القاعدة وداعش.

أمّا العلاقة بين الإخوان المفسدين وإيران فهي ممتدة من أيام حسن البنا، الذي أثار وسيد قطب إعجاب المرشد الأعلى علي خامنئي فترجم كتابين من كتب سيد قطب إلى الفارسية. ولهذا فعبر كل تلك السنوات كان الإخوان ضالعين في التآمر على بلادنا مع إيران، إن سرًا وإن علنًا.

وفي كنف تنظيم الإخوان المفسدين تربى كثير من الإرهابيين، مثل الإرهابي أسامة بن لادن الذي أسس تنظيم القاعدة، وقد ذكرت والدته علاقته بهم بقولها إنه: "تحول إلى التطرف وانتهج طريق الجهاد بعدما اقترب من تنظيم الإخوان المسلمين، الذي قامت قيادات فيه بغسل دماغه". كما كشفت إحدى وثائق بن لادن التى أفرجت عنها وكالة الاستخبارات الأميركية، عن علاقة تنظيم القاعدة بجماعة الإخوان الإرهابية.. وقالت شبكة «سكاي نيوز» البريطانية إن ما جاء في الوثائق يؤكد أن كل التنظيمات الإرهابية خرجت من رحم الإخوان، غير أن الأخيرة أتقنت التلون وتبادل الأدوار.

وقد أثبتت وثائق قضائية أميركية تعاون إيران وعملائها مع بن لادن في هجمات 11 سبتمبر، حيث سهلت انتقال إرهابيي القاعدة إلى معسكرات التدريب في أفغانستان، لتنفيذ الهجمات بأيدي إرهابيين، وقد أكد بن لادن هذا التعاون في إحدى رسائله بقوله: "إيران هي شرياننا الرئيس الذي يمدنا بالأموال والرجال وقنوات الاتصال، إضافة إلى مسألة الرهائن. لا يوجد ما يستوجب الحرب معها".

وخلال تلك السنين أحكم فكر الصحوة قبضته على زمام الأمور الدينية والتعليمية والمجتمعية في بلادنا، وقد نتج عن ذلك ظهور عتاة المتطرفين دينيًا فعاثوا في الوطن فسادًا بسبب انتمائهم للقاعدة ولداعش لاحقاً الذي أوجدته إيران وسورية بمباركة استخبارات تركية وروسية.

إذن إرهاب جهيمان وابن لادن والإخوان والملالي وتشدد الصحويين، أحداث جسام جديرة بأن يُلتفت إليها تعليميًا وإعلاميًا للتاريخ وللأجيال، فلا يعقل أن هذه الأحداث لم تتضمنها مناهج التعليم في كل المراحل، ولابدّ أن تحظى باهتمام المسؤولين.

أما رصد تلك الأحداث فكان معظمه بمقالات وتقارير صحفية، أو بمسلسلات متواضعة، تفتقر إلى معايير فنية كثيرة. لهذا ينبغي الاهتمام بتصوير هذه الأحداث بأفلام وثائقية مثل الأفلام التي تنتجها دولة الإمارات العربية لفضح تنظيم الحمدين، ومثل الفيلم الوثائقي الأميركي (أموال الدم)، أو بأفلام ومسلسلات تتولاها مؤسسات كبرى تحرص على إنجازها على نحو احترافي نصّا ومعالجة فنية باذخة، مثل مسلسل عمر بن الخطاب، ومسلسل غرابيب سود وغيرهما، وما رصد لهذا النوع من المسلسلات لا يزيد كثيراً عما يرصد سنويًا لمسلسلات يسودها كثير من الارتجال والضعف إن على مستوى النصوص أو على مستوى السيناريو والحوارات الضعيفة والاستعانة بممثلين ومخرجين هواة.

ختامًا إن توثيق هذه الأحداث للأجيال يدخل في مفهوم الذاكرة الوطنية؛ الذي ظهر في المجتمعات الحديثة "بفعل نمو المذاهب القومية، ونشأة الدولة الوطنية التي أسست المتاحف، وأقامت دور الأرشيف والمكتبات الوطنية، وكرست الاحتفال بالأحداث والشخصيات بإقامة الأعياد الوطنية والنُصب التذكارية".