&القاهرة ــ علاء طه –&

&«مُهمة شاقة أن تُحب شخصا ما؛ عليك أن تَملك الطاقة، وأن تتصف بالكرم والعمى أحياناً، فهُناك أيضًا لحظة عليك فيها القفز من دون تفكير من علوٍ شاهق، لن تفعلها لو فكرت كثيراً».. كان ينبغي أن تؤمن بهذه المقولة للفيلسوف والروائي الفرنسي جان بول سارتر، لتتجنب الانقلابات العاصفة في حياتها ما بين زواج وآخر.. حقيقة هي «براغماتية» للدرجة التي فهمت كيف تدير كل علاقاتها من دون أن تتأثر فنيًا، وعانقت دومًا النجاح، خلال ثلاثة عقود، من ألبوم لآخر، لكن جروحها ومآسيها تزداد عمقًا، وتركت ندوبًا واضحة على حياتها. ولدت أنغام في 19 يناير 1972 بمدينة الإسكندرية، لعائلة فنية، فهي الابنة الوحيدة للملحن محمد علي سليمان من زوجته الأولى مجيدة عبدالعليم، وعمها المطرب الراحل عماد عبدالحليم، الذي عرفه الجمهور في عام ولادتها نفسه، حيث كان يغني في حفل زفاف الطبيب الخاص لعبدالحليم حافظ في شقته بالإسكندرية، فأعجب بصوته، وعندما علم أن عمره 12 عاماً فقط قرر أن يتبناه مادياً ومعنوياً، وأحضره معه الى القاهرة، وعلمه أصول الغناء والفن الشرقي وأعطاه لقبه «عبدالحليم» وقدمه في الحفلات وللصحافة على أنه امتداده الفني، ووضعه مبكرًا في أضواء الشهرة والنجومية.&

&الظهور الأول

في إحدى حفلات والدها الموسيقار والملحن عام 1981، التي كانت تبث على الهواء في التلفزيون المصري فاجأ الجمهور، عندما توجّه إلى الميكروفون وخاطبهم «هسمعكم صوت جديد يستاهل نسمعه، اسمعوا معايا صوت بنحضره لمصر المستقبل، المطربة الصغيرة أنغام في أغنية (بنتي حبيبتي)، مشكلة بيني وبين المدام بتصالحني هي عليها، اسمعوا الفكرة دي يمكن تعجبكم، اتفضلي يا آنسة أنغام، حيّي الناس يا أنغام». كانت أنغام في سن التاسعة فقط، عندما قدمها والدها، وغنّت معه الدويتو بثقة أمام الجمهور، وأنهى ظهورها الخلاف الزوجي بين والديها، لكنه كان بمنزلة شراراة انطلاق طفلة صغيرة إلى الشهرة في عالم الغناء، أبدعت خلالها في تقديم عديد من الألبومات الخليجية والعربية التي أثرت الساحة الفنية في الوطن العربي، وطاردتها الألقاب من «صوت مصر» الذي أطلقه والدها عليها، إلى «مُطربة مصر الأولى» و«ملكة الإحساس» و«صديقة الطفولة»، وكلها أطلقها عليها الجمهور والنقاد.
&طريق الشهرة عندما أصبحت في الصف الثالث الإعدادي بمعهد الكونسرفتوار، بدأت تغني أغانيها بمفردها من دون غناء الوالد معها، واكتفت بأن يلحن لها.. وفي السادسة عشرة من عمرها أطلقت ألبومها الأول «أول جواب» وأتبعته بانتاج غزير وناجح حلق بها إلى الجماهيرية والشهرة في 5 أعوام أصدرت خلالها 9 ألبومات، منها ألبومان خليجيان، احتكر فيهما والدها صوتها وثقله بألحانه فقط، باستثناء أغنيتين لحنهما محمد عبدالوهاب وسيد مكاوي.

&طريق الشهرة

عندما أصبحت في الصف الثالث الإعدادي بمعهد الكونسرفتوار، بدأت تغني أغانيها بمفردها من دون غناء الوالد معها، واكتفت بأن يلحن لها.. وفي السادسة عشرة من عمرها أطلقت ألبومها الأول «أول جواب» وأتبعته بانتاج غزير وناجح حلق بها إلى الجماهيرية والشهرة في 5 أعوام أصدرت خلالها 9 ألبومات، منها ألبومان خليجيان، احتكر فيهما والدها صوتها وثقله بألحانه فقط، باستثناء أغنيتين لحنهما محمد عبدالوهاب وسيد مكاوي.

&مغامرة الانفصال

في 1994 قررت أنغام الانفصال عن والدها الملحن ومؤسس مشروعها الفني، رغبة في الاستقلال بحياتها الشخصية والفنية والمالية، فدبت المشكلات بينها ووالدها، وقررت أن تذهب إلى أبعد مدى عندما قررت الزواج بمهندس الصوت مجدي عارف، وهو ما كان يرفضه الأب، فقاطعها والدها فنيًا واجتماعيًا لأكثر من عشر سنوات.. تاليًا ستصف أنغام الأمر بعد سنوات طويلة هذه اللحظة قائلة، «أبي أراد كسر أنفي».. واعتبر كثيرون قرارها بـ«مغامرة طائشة»، وتوقع الجميع أن تضيع شهرتها بعيدًا عن ألحان والدها المميزة، وأن تحترق إنسانيًا بسبب ابتعادها عنه.. وأمام تصريحاته في الإعلام عن نكرانها جميله وجحودها وتأكيده أنه لولا اسمه وشهرته ما كان أحد استمع لها ولا عرفها وأنها تزوجت من ورائه، فضلت الصمت، واكتفت بالإشارة إلى أنه سيبقى والدها، لكن في الفن ستعتمد على آخرين، وأوضحت أنه رفض زواجها وطلب مهرًا مبالغًا فيه وصل الى ربع مليون جنيه وقتها، فاضطرت للزواج من دون إذنه.
&

نجاح جديد

ولم تمر شهور على خلافاتها مع والدها حتى أبدت صلابة واضحة، واختارت أن تبدأ مع عازف القانون والمايسترو أمير عبدالمجيد، صديق العائلة الذي لحّن لوردة أعمالًا تؤكد مقدرته على منافسة سليمان، وقدّم لـها ما جعلها بالفعل تستمر بنجاحاتها على مدى أربعة ألبومات، لحّن أوّل اثنين منها وحده، وتشارك الأخيرَين مع آخرين ليسوا بعيدين عن الأجواء التي اعتاد جمهور أنغام عليها منها، ونالت نجاحاً جماهيريًا أذهل الجميع وتزايدت شهرتها بعدما خرجت من عباءة الأب وتعاونت مع كبار الملحنين: محمد الموجي وعمار الشريعي وعمر خيرت وسيد مكاوي، وعملاقي الشعر سيد حجاب وعبدالرحمن الأبنودي.. وتوالت ألبوماتها الغنائية الناجحة، واستقرت حياتها الزوجية وانجبت ابنها الأول عمر.

&السند الدائم

في مقابل علاقة الأب التي تدهورت، كانت أمها ظلها الذي لا يفارقها، وداعمها الأول الذي لا يكل عن تشجيعها.. الابنة جرحت من الأب الذي حاول بسط السيطرة عليها إلى ما لا نهاية، وحصر موهبتها على ألحانه، والأم جرحت من زواجه عليها، وفضلت الانفصال عنه.. تقول أنغام «كنت أنا وأمي نسند بعض، وأوقات كانت تقول عني إني أمها، لأنها أضعف مني قليلا في تقبل الصدمات، وأنا كنت أتظاهر بالتماسك، وهي أبسط وأطيب من أن تعلم غدر الدنيا، لأن الأرض اهتزت من أسفلها، وكان كل همي أن أحسسها بأنه لا شيء حدث، وكانت سندي وكنت سندها، وعندما وجدت أحفاد لها تغيرت حياتها وبدأت تسعد بهم».. وبالنهاية جسدت أنغام علاقتها بوالدتها في أغنية طرحتها في عيد الأم عام 2014.

&مأساة العم

تلقت أنغام مساندة عمها المطرب الراحل عماد عبدالحليم، الذي كان في أوج شهرته.. كان صديقها حيث لم يكن فارق العمر بينهما كبيرًا.. وقالت عنه «أمي التي ربته، وكنت أقول له جميع أسراري دون خجل وهو يعاملني بالمثل، وهو كان خفيف الظل وحنون».. وفي يوم الجمعة 20 أكتوبر 1995 عثر المارة في شارع البحر الأعظم بالجيزة، على جثته ملقاة على الرصيف المقابل لمنزله، وبجواره حقنة مريبة، وبيّنت التحقيقات بعدها تلوثها بالهروين، الذي أنهت جرعة زائدة منه حياة وريث العندليب، وهو في الـ36 من عمره.. وضربت وفاة العم الصديق المأساوية حياة أنغام بقوة، كانت في تونس لإحياء حفل، وعرفت الخبر من نشرة الأخبار، فانهارت بالبكاء والحزن.. وتسترجع ذاكرة المأساة، قائلة «كان الخبر بالنسبة لي وأمي صدمة كبيرة، ولم أجد طائرة لكي أعود بها إلى القاهرة فلم أحضر الجنازة وكان يوما صعبًا، وأول شيء فعلته عندما عدت هو الذهاب إلى قبره».. ولم تستوعب فكرة رحيله سريعًا، عانت نفسيًا، وأحاطتها الكوابيس، وخضعت للعلاج لأعوام طويلة حتى تخلصت من أزمته، وكانت تقول «عمي لم يكن محظوظا في حياته الشخصية، لأنه كان حنونا ويعطي الجميع، ولكن لا أحد يهتم به، وهذا جعله يشعر بالوحدة الشديدة، وأنا لم أره ولا مرة يتعاطى المخدرات، ولكن هذه الظروف من الممكن أن تجعل أي شخص يمشي في هذا الطريق، وقد حمّلت مسؤولية وفاته لمن حوله، لأنهم لم يساعدوه، وتركوه وحده».&

&

الصلح خير

بعد مرور عشر سنوات على خلافاتها مع والدها، رفضت فيها الوساطات للتصالح بينهما، بعدما وصلت الأزمة إلى ساحات القضاء والمحاكم، تلقت اتصالًا هاتفيًا من عمها محمود سليمان يخبرها بأن والدها ملازم الفراش وأصيب بارتفاع حاد في درجة الحرارة وطلب منها أن تسارع الى زيارته، فنسيت على الفور خلافاتهما واصطحبت طبيبها الخاص ونجلها وذهبت إلى بيته لتطمئن عليه، وذابت على الفور المشكلات وسط بكائهما.. وفيما بعد دعمته في انتخابات نقابة الموسيقيين عام 2011، وحضر بعدها حفل ختام فعاليات الدورة العشرين لمهرجان الموسيقى العربية، وصعد إلى المسرح وهي تغني وعانقها أمام الجميع. حب فهد في عام 2001، انفصلت عن زوجها الأول ووالد ابنها من دون أسباب معلومة، ورفعت عليه قضية خلع.. وتزوجت الموزع الموسيقي فهد في مايو 2004، بعد قصة حب سريعة بدأت في استديوهات التسجيل بالقاهرة، على الرغم من أنه يصغرها في العمر.. وقدما معاً أغنية بمناسبة عيد الحب في العام التالي، وانجبت منه طفلها الثاني (عبدالرحمن)، وتعاونا في ألبومين.. لكن سريعًا ما دبت المشكلات بينهما حول حفلاتها الخاصة وملابسها.. وتبادلا القضايا في المحاكم، حيث حصلت على حكم من القضاء المصري بخلعه. زواج سري تزوجت للمرة الثالثة، سرًا عام 2011، الممثل أحمد عز، وانفصلا في سرية تامة بعد عام واحد، لكن كُشف الأمر عام 2014 بعد تصاعد أزمة النسب التي رفعتها الممثلة زينة ضد أحمد عز، فسارعت أنغام وعز بنفي الخبر، ولكن نشرت الصحف والمواقع عقد زواجهما، فاضطرت لتأكيد الزواج، مشيرة إلى أن أسرتها والأصدقاء كانوا يعرفونه.. وأصدر مكتب حسام السنهوري، المحامي الخاص بها بيانًا أكد فيه أن «العلاقة الرسمية الشرعية قد انتهت بالفعل اعتبارا من تاريخ 8 يناير 2012، بإشهار الطلاق الرسمي»، مناشدًا الإعلام احترام حياتها الشخصية..

أما عز فقد كشف تفاصيل هذه الزيجة وأسباب عدم اعترافهما العلني بها، عبر منشور على حسابه على «فيسبوك»، موضحًا أنها كانت متزوجة قبله ولديها ولدان، وعند طلاقها من زوجها والد طفلها الثاني حدثت بينهما مشكلات، وخافت على حضانة الطفل، ففضلت التكتم على الزواج حتى تنتهي المشكلات، لكنهما سرعان ما انفصلا، وأكد أنه نفى الزواج في بداية الأمر حفاظًا على خصوصية حياة أنغام. ألبوم وزواج مع نهاية العام الماضي تزوجت للمرة الرابعة، سرًا، الموزع الموسيقي أحمد إبراهيم، الذي يصغرها بعشرة أعوام، أثناء إعدادهما ألبومها الأخير «حالة خاصة جدا»، حيث تعاون معها في 6 أغنيات، ومع اطلاق الألبوم في العام الجديد انتشر خبر زواجهما، ولمّحا في تعليقات متبادلة على «إنستغرام» عن علاقة الحب بينهما، وسافرا لقضاء شهر العسل في باريس يوم 19 يناير الماضي، في يوم عيد ميلادها، الأمر الذي فاجأ الوسط الفني، فرفعت عليه ياسمين عيسى، زوجته وأم ولديه، وابنة شقيقة المخرج طارق العريان، زوج أصالة الصديقة المقربة لأنغام، دعوى طلاق للضرر.. وأعلنت أصالة غضبها من أنغام وقاطعتها، وهاجمتها المذيعة ريهام سعيد، واتهمتها بخطف زوج من أم أولاده من دون مراعاة لمشاعر الآخرين، وردت انغام على الجميع بعنف، مطالبة المنتقدين بعدم التدخل في الأمر.

دراما غنوة

في 12 أكتوبر الماضي، تلقت أنغام صدمة عنيفة لوفاة شقيقتها من الأب (غنوة)، التي لم تتجاوز الثلاثين من عمرها بعد حادث سيارة مأساوي.. ظهرت غنوة في بداية حياتها الفنية كمطربة، وأصدرت أغاني لها قبل 10 سنوات، إلا أنها لم تحقق النجاح المأمول.. وهاجمتها أنغام ووصفتها بأنها «ليست لديها المقدرة الكافية التي تجعلها مطربة مشهورة.. وليس لدي مشكلة معها.. أنا قلت إنها ممكن أن تكون أحسن في أماكن ثانية.. وللأسف هي لم تقبل نصيحتي، لأنها ما زالت صغيرة، وأعتقد أن والدي هو الآخر لم يكن موافقا على دخول غنوة الغناء، لأنه لو وافق كان ساعدها كما ساعدني».. وابتعدت عن الوسط الفني فترة طويلة بسبب مشكلاتها مع أنغام، إضافة إلى زواجها وإنجابها ابنها الوحيد ياسين.

&