محللون: اقتصاد الولايات المتحدة يشبه «السلحفاة العملاقة».. التي تعيش أكثر من 100 عام

&بلقيس دنيازاد عياشي

يصادف هذا الشهر الذكرى السنوية العاشرة للتوسع الاقتصادي الأمريكي الذي بدأ في يونيو 2009، هذا الإنجاز مثير للإعجاب، لكن القليل من الأميركيين هم في مزاج جيد للاحتفال. السبب في ذلك يعود إلى توقيت هذا الإنجاز ومعدل النمو، فخطر انكماش الاقتصاد الأميركي آخذ في الارتفاع، مع تزايد التوترات التجارية مع الصين التي تضاعفت حدتها في الفترة الأخيرة وبدأت بالتوسع وأثرت على بكين واقتصادها، لكنها أيضاً أثرت بشكل أكبر على الولايات المتحدة والشركات الكبيرة فيها. زيادة على ذلك لاحت في الأفق مشكلة جديدة، إنها التعريفات الجمركية التي فرضها الرئيس الأميركي دوانالد ترامب على المكسيك، فقد كانت أشبه بقدم ضخمة وضعت على رقبة قط صغير، ستخنقه وتؤدي في الأخير إلى موته، هذه حال الشركات الأميركية التي كانت ومازالت تعتمد أساساً على المحاصيل القادمة من المكسيك.

بالنظر إلى المؤشرات الاقتصادية سنجد أن مؤشر مديري المشتريات التصنيعي الأمريكي انخفض في شهر مايو الماضي إلى أدنى مستوى له منذ سبتمبر 2009. وفي 3 يونيو، تجاوز العائد على سندات الخزانة لمدة ثلاثة أشهر ذلك في سندات الخزانة لمدة 10 سنوات على الأكثر منذ عام 2007، وهو مؤشر قوي على حدوث ركود في مكان ما في الأفق.

تقول شركة JPMorgan Chase & Co إن احتمال بداية ركود في النصف الثاني من عام 2019، قد ارتفع إلى 40 ٪ من 25 ٪ في أوائل مايو. اقتصاد السلحفاة يقول محللو وكالة bloomberg الأميركية أن السبب الآخر الذي يدفع الناس لعدم الاحتفال بعشر سنوات من التقدم الاقتصادي في الولايات المتحدة الأميركية، هو أن التوسع لم يكن شيء يدعو إلى التباهي به. وضرب المحللون مثالاً قالوا فيه أن أن الاقتصاد الأميركي مثل السلحفاة العملاقة Lonesome George، وهي سلحفاة تعيش في جزر غالاباغوس تعيش أكثر من 100 عام. جدول يوضح كيف تغيرت الولايات المتحدة الأميركية خلال 10 سنوات من 2009 إلى 2019 وبرر المحللون هذا التشبيه بأن هذه السلحفاة تتراكم ببطء، ولا ترتفع درجة حرارتها أبدًا، وهذا جزء من سبب طول عمرها، وهو يقصدون أن اقتصاد أميركا يعيش نفس الحالة هو يتراكم ولا تزداد فيه المؤشرات بشكل كبير، لكن استمراريته واضحة لأكثر من 10 سنوات، وهذا ما يحدث بالضبط مع السلحفاة تتراكم ببطء لتعيش أكثر.

رأي مخالف لكن محللين آخرين يذهبون إلى رأي آخر، فهم يؤكدون أن الاقتصاد الأميركي عاش دورات نمو ممتدة، ففي الأرباع الـ 39 الأولى من التوسع القياسي في الفترة ما بين 1991-2001، زاد الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 43 ٪. وفي الربع الأول من هذا العام، ارتفع إجمالي الناتج المحلي للولايات المتحدة بنسبة 22٪ فقط، واستفاد التوسع البطيء من رأس المال أكثر من العمالة: فقد انخفضت حصة العمال من الدخل القومي من 68.9٪ إلى 66.4٪ خلال هذه الفترة. في وتيرته الحالية، سيتعين أن يستمر هذا النمو ست سنوات أخرى لمواكبة النمو الكلي الذي شهدته اقتصاد الولايات المتحدة في الفترة ما بين 1991-2001، وتسع سنوات أخرى لتكرار النمو الذي شهدته الفترة ما بين 1961-1969، عندما زاد الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 54 ٪، وفقًا لحسابات المحلل «نير كيسار»، وهو مؤسس مدير الأصول في شركة Unison Advisors. إنجاز ولكن خلال السنوات العشر الماضية الإنجاز الذي لا جدال فيه بالنسبة للاقتصاد الأميركي هو انخفاض معدل البطالة: عند 3.6٪، فقد كان المعدل في مايو الماضي هو الأدنى في نصف قرن. إن حرص أصحاب العمل على التوظيف يفيد الأشخاص الذين عادة ما يجدون صعوبة في الحصول على وظائف، ومنهم الأقل تعليماً، والأقليات العرقية، والعمال الأكبر سناً، وغيرهم. الإنجاز الآخر أيضاً، هو أن الأجور بدأت في الارتفاع، فقد ارتفع متوسط ​​الأرباح في الساعة في أبريل بنسبة 3.2 ٪ عن الفترة من العام السابق، متجاوزا التضخم.

ومع ذلك، حتى فيما يتعلق بالبطالة، هناك أشياء مخفية في الموضوع، فعند حساب مؤشر البطالة لا يتم احتساب الأشخاص الذين توقفوا عن البحث عن عمل أو الذين يعملون بدوام جزئي على الرغم من أنهم يفضلون العمل بدوام كامل في مقياس البطالة الرئيسي للحكومة. فقط 3.1٪ من الرجال الذين تتراوح أعمارهم بين 25 و 54 عامًا كانوا عاطلين عن العمل رسميًا في أبريل، ولكن 10.8٪ منهم كانوا خارج قوة العمل تمامًا، وفقًا لمكتب إحصاءات العمل. ويقول ديفيد بلانشفلاور، الاقتصادي في كلية دارتموث، مؤلف كتاب «لا تعمل: أين ذهبت كل الوظائف الجيدة»: «لا تزال الولايات المتحدة بعيدة عن التوظيف الكامل». يشير الخبير بأنه حتى مع انخفاض معدل البطالة اليوم، ما زال بعض العمال يخشون من أنهم سيفقدون وظائفهم إذا طلبوا زيادة في الراتب، وهذه العوامل تقود بشكل مباشر إلى عدم احتفال الناس بمرور عشر سنوات من النمو في اقتصاد الولايات المتحدة الأميركية. * دكتوراه في الاقتصاد والتأمينات والبنوك

&