& &FINANCIAL TIMES& & &

&نيل مونشي من لاجوس

داخل متجر أولاتونجي بنتن لاي الصغير في سوق الأرز إيدو في لاجوس، حيث أكياس بحجم 50 كيلوجراما مكدسة فوق بعضها بعضا حتى مستوى العين، مطبوع عليها علامات تجارية مثل "أفريكان كنج" و"رويال ستاليون"، التي تعلن بكل فخر عن نفسها "منتج من تايلاند".
ثمة اسم للأرز سائد بين التجار النيجيريين: كوتونو، المدينة الساحلية في الدولة المجاورة، بنين، التي يتم تهريب الأرز منها.
"كوتونو أرخص من الأرز النيجيري - ليس من المفترض أن يكون كذلك"، حسبما قال بنتن لاي. وأضاف "يجب أن يكون الأرز النيجيري أرخص".
مع بداية فترة ولايته الرئاسية الثانية هذا الشهر، من المتوقع من محمدو بوهاري أن يعزز تركيزه على تنويع الاقتصاد النيجيري المعتمد على النفط، من خلال تعزيز القطاع الزراعي. ففي فترة ولايته الأولى حقق نجاحا متفاوتا.
جهود بوهاري لتحفيز إنتاج الأرز المحلي من خلال خطط قروض خاصة وفرض حظر افتراضي على استيراد الأرز نجحت في بعض النواحي: حقق الإنتاج رقما قياسيا بلغ 4.78 مليون طن في العام الماضي، وفقا لتقرير من وزارة الزراعة الأمريكية، مرتفعا 60 في المائة تقريبا منذ عام 2013. لكن مزارعي الأرز النيجيريين غير قادرين على تلبية الطلب. لا يزال كثير من المزارعين لا يملكون أي مساعدة الآليات الزراعية والبنية التحتية - من الطرق إلى الري إلى المطاحن - رديئة في حين أن التضخم المكون من رقمين يرفع الأسعار.
من المتوقع أن ترتفع واردات نيجيريا من الأرز 13 في المائة هذا العام، لتصل إلى 3.4 مليون طن، ما يجعل البلاد التي يبلغ عدد سكانها 200 مليون نسمة أكبر مستورد للأرز في العالم بعد الصين.
البيانات، والمشهد في سوق إيدو وآلاف مثله في جميع أنحاء إفريقيا الأكثر اكتظاظا بالسكان، تتناقض مع ما جاء على لسان بوهاري في الفترة التي سبقت إعادة انتخابه في آذار (مارس) حين قال "نحن لا نستورد الأرز، فعليا، ليس بعد الآن. نحن لا نستورد الأرز".
في الواقع، الأسواق النيجيرية مليئة بالأرز الأجنبي، الذي عادة ما يباع بأسعار منخفضة للغاية مقارنة بنظيره النيجيري. أكثر من مليون طن من الأرز - 20 مليون كيس زنة 50 كيلوجراما – دخلت إلى نيجيريا في الأشهر الثلاثة الأولى من هذا العام عبر حدودها مع بنين التي يسهل اختراقها، وفقا لجمعية شركات معالجة الأرز في نيجيريا.&
بنين، وهي دولة صغيرة يبلغ عدد سكانها 11 مليون نسمة، شهدت ارتفاعا في وارداتها من الأرز من تايلاند منذ حزيران (يونيو) 2015، بعدما أصدر البنك المركزي النيجيري لأول مرة قائمة من المنتجات - من الأسمنت إلى عربات اليد وأعواد الأسنان إلى الأرز - التي لا يستطيع المستوردون الوصول إليها بسعر الصرف المخفض للعملات الأجنبية.

ويعتبر الأرز من أهم المواد الغذائية الأساسية في الحياة النيجيرية. وهو يمثل وفقا لشركة بي دبليو سي، نحو 10 في المائة من إنفاق الأسر على الغذاء. ويسلط تدفق الأرز الأجنبي الضوء على فشل إحدى أهم سياسات بوهاري: تحفيز الإنتاج المحلي والتصنيع من خلال القائمة التي أصدرها البنك المركزي، حسبما قال نونسو أوبيكيلي، مدير مركز تورجوت لأبحاث الاقتصاد والسياسة في أبوجا.
وأضاف "لا أعتقد أن قائمة البنك المركزي النيجيري المكونة من 42 عنصرا نجحت بشكل جيد، ليس فقط بالنسبة للأرز ولكن لكثير من العناصر الأخرى في القائمة". وتابع "تعتبر بنين الآن واحدة من أكبر الدول المستوردة للأرز في العالم، وكلنا نعرف إلى أين يذهب".
من خلال إغلاق الموانئ أمام الأرز الأجنبي والسلع الأخرى التي يتم تهريبها في النهاية، قال أوبيكيلي إن الحكومة "خسرت عائدات جمارك محتملة لأنها اضطرت التجارة إلى العمل في الخفاء".
تقييد الاستيراد بالعملات الأجنبية هو انعكاس لسياسة العملة غير التقليدية الأوسع نطاقا للبنك المركزي.
بعد انهيار أسعار النفط في عام 2015، سعى البنك لتحقيق استقرار النيرة بتطبيق أسعار صرف متعددة مخفضة لمختلف القطاعات والجماعات - من المستوردين إلى أولئك الذين يدفعون تكاليف الرعاية الطبية في الخارج. هذه الخطوة كانت جزئيا محط اللوم لتفاقم الركود الذي أصاب الاقتصاد النيجيري الذي يعتمد على النفط.
على مدار الأعوام القليلة الماضية، أنهى البنك المركزي جميع الخصومات باستثناء خصم واحد: ما يطلق عليه نافذة "المستثمرين والمصدرين" التي من خلالها تكون أنواع معينة من المعاملات مؤهلة لاستخدام الدولار بسعر مخفض يبلغ نحو 305 نايرات، أي نحو 20 في المائة أقل من سعر السوق الموازية البالغة 360 نايرا للدولار.

أندرو نيفين، كبير الاقتصاديين في "بي دبليو سي" في نيجيريا، قال إنه يفهم الغريزة وراء كل من تقييد الاستيراد بالعملات الأجنبية وأسعار الفائدة المتعددة. إلا أن السياسات كانت لها عواقب بعيدة المدى، وكانت النوافذ المتحاربة واحدة من أكبر العوائق أمام الاستثمار الأجنبي المباشر في نيجيريا، الذي انخفض إلى 2.2 مليار دولار في العام الماضي من 3.1 مليار دولار في عام 2015، عندما تولى بوهاري منصبه. الاستثمار الأجنبي المباشر هو الآن أقل بمقدار الثلث من غانا المجاورة، التي تمتلك اقتصادا يعادل سبع حجم اقتصاد نيجيريا.
قال نيفين "من الواضح أن نظام الصرف الأجنبي مربك (...) والارتباك يخيف المستثمرين". وأضاف "لذلك لا نعتقد أننا سنحصل على استثمارات أجنبية مباشرة كبيرة ما لم يتم تحرير نظام الصرف الأجنبي".
بالحديث مجددا عن سوق إيدو، بنتن لاي الذي يعني اسمه في لغة اليوروبا "العالم صغير جدا"، كان لديه طلب بسيط: "يجب عليهم فتح الحدود مرة أخرى. السعر سيهبط".