جهاد أبو هاشم

تشهد البرامج والمسلسلات التلفزيونية تراجعا ملحوظا في الجودة والمضمون، ولم تقدم الفكرة بالشكل المناسب، وتفتقر في بعض الأحيان إلى الكوادر الفنية والإخراجية القادرة على أن تخرج عملا فنيا احترافيا، يشكل بصمة في تاريخ الفن، أو قابلا لإعادة العرض في السنوات المقبلة.
الدراما العربية هذا العام كشفت عن اقتباس للأفكار الغربية، وقد بدا ذلك واضحا في مسلسل "ولد الغلابة"، وأعمال أخرى أفقدت المشاهد الثقة في الإنتاج الرمضاني لوجود ثغرات وأخطاء إخراجية وتاريخية فيها.

اتهامات بالسرقة
اتهم موقع (Hollywood Reporter) الأمريكي التشابه الشديد والتطابق في بعض مشاهد المسلسل الأمريكي الشهير (Breaking Bad) والمسلسل المصري "ولد الغلابة"، للفنان المصري أحمد السقا.
ولقيت هذه الاتهامات ردود فعل واسعة في مواقع التواصل الاجتماعي، إذ نشروا صورا تكشف أوجه التشابه بين المسلسلين، وكيف استنسخ السقا إطلالة برايان كرانستون، عبر وضع ضمادة طبية بعد تعرضه للضرب، أو في الحبكة الدرامية الأساسية التي تدور حول مدرس يتاجر في المخدرات، في حين تختلف بعض الأفكار الثانوية، مثل رفض زميله منذ الصغر تزويجه أخته، فقرر الانتقام منه.
مؤلف "ولد الغلابة" أيمن سلامة كتب في منشور له في "فيسبوك" قال فيه إنه شاهد مسلسل بريكنج باد، وشم فيه رائحة فيلم "الكيف"، وقال "ريما الثيمة الدرامية هي التي جعلت الناس تربط بين العملين"، ودافع عن مسلسله بقوله "لو كنا قد اعتمدنا أو مصرنا هذا المسلسل فإننا قطعا كنا سنشتري الفورمات وكنا سنكتب ذلك في التترات".

مشاهد الحزن

الحزن كان مظهرا أساسيا من مظاهر مسلسلات رمضان لهذا العام، ففي بدايات مسلسل "زلزال" و"حكايتي" و"أبو جبل" و"قمر هادي" و"حدوتة مرة" و"البرنسيسة بيسة" فقد الأبطال أطفالهم، وهذه الحوادث الأليمة بدت متشابهة، إذ بدا مجموعة من أبطال هذه الأعمال يحملون أطفالا في كفن أبيض.
التكرار لم يتعلق بدفن الأطفال أو الكفن، وإنما في الحوادث التي تعرضوا لها، مثل انقلاب السيارة، الذي بدا متطابقا في أكثر من مسلسل.
أحداث الحزن سيطرت على أعمال هذا العام، ففي مسلسل "زلزال" يفقد "محمد حربي" جميع أفراد أسرته في انهيار منزلهم جراء زلزال عام 1992 الذي ضرب مصر، فيما يفقد "حسن" الذي يؤدي دوره الفنان مصطفى شعبان في مسلسل "أبو جبل" أولاده في حريق نشب في منزله ضمن مشاهد الحلقة الأولى، وفي الحلقة الثانية يفقد شقيقه في حادث سيارة.
الكآبة لا تقف عند هذين العملين، ففي "البرنسيسة بيسة" للفنانة مي عز الدين، تفقد الطفلة بيسة عائلتها في انهيار المنزل في إحدى الحارات الشعبية، لتصبح يتيمة.

أخطاء بالجملة

الأخطاء التي طالت هذه المسلسلات نالت سخرية المتابعين، وبدت واضحة للمشاهد البسيط، فضلا عن النقاد الفنيين المتخصصين.
ففي مسلسل "قمر هادي" من بطولة هاني سلامة وقع انقلاب لسيارة، ليتضح أنها بلا محرك أو عادم لدى انقلابها رأسا على عقب، فيما يستقل الفنان محمد رمضان بشخصيته "محمد حربي" في مشهد آخر باص صغير (ميكروباص) لونه أبيض، لكنه يصل وجهته عبر ميكروباص أحمر.
أما مسلسل "هوجان" لبطله الفنان محمد عادل إمام، فيتناول في مشاهده الزجاج، الذي يبدو واضحا للعيان أنه ثلج، وفي مشاهد أخرى يحطم الطوب، لكنه يبدو محطما من قبل أن يضربه بيده.ومن الأخطاء التي أثارت حفيظة المشاهدين، ودفعتهم للحديث عنها هي الأخطاء الإملائية في تتر مسلسل "قابيل"، للفنان محمد ممدوح وأمينة خليل، فالأخطاء نالت من أسماء الفنانين، مثل الفنان ضياء عبدالخالق، الذي كتب "ضياء عبدالخالد"، فضلا عن الخلط بين الهاء والتاء المربوطة، والخلط بين الألف اللينة والياء.
أما مسلسل "حرملك"، من بطولة الفنان جمال سليمان ومجموعة من الفنانين من مختلف أنحاء العالم العربي، فوقع في خطأ إظهار عامل نظافة يدخن سيجارة بيضاء خلال حكم المماليك، في حين ظهرت تلك السجائر في سنوات لاحقة، وهو خطأ تاريخي شبيه بما وقع به صناع مسلسل "باب الحارة" في حلقته الأولى من جزئه العاشر، حينما قصفت طائرة حارة الضبع، إلا أن نوعية الطائرة المستخدمة خلال مشهد القصف التي تعود ملكيتها للقوات الفرنسية عام 1946 لم تكن طائرة موجودة فعلا في ذلك الوقت، إذ دخلت الخدمة في عام 1956، وكانت تعود للطيران الأمريكي ومهمتها نقل الجنود والإنزال المظلي للأغراض العسكرية.
وفي مسلسل "حدوتة مرة" للفنانة غادة عبدالرازق وقع خطأ منطقي حينما قام طبيب صحة بغسل جثة، وهي مهمة ليست ضمن اختصاصات طبيب الصحة على الإطلاق.
ويعزو البعض ظهور مسلسلات رمضان بهذه الجودة والأخطاء الواضحة إلى التسرع في التصوير والإنتاج، أملا في اللحاق بالموسم الرمضاني، خاصة أن بعض شركات الإنتاج تبدأ أعمال التصوير متأخرا، قبيل شهر رمضان.

المصادفة وفبركة الأحداث

المصادفة غلبت على مشاهد مسلسل "الهيبة" في جزئه الثالث، فالأحداث التي بدت غير واقعية للمشاهد، جعلته ينتقد أداء المسلسل وغياب التشويق والإثارة اللذين حظي بهما الجزءان السابقان.
في الجزء الثالث يلتقي الفنان تيم حسن "جبل" الفنانة سيرين عبدالنور "نور" مصادفة، سكنا في المبنى نفسه، والطابق نفسه، كما أن الشرطي الذي استطاع تمييز جبل عند مروره من أمام المستشفى كان بمحض المصادفة، والمصادفة أيضا هي التي جعلت رجلا يوقف جبل أثناء ركوبه التاكسي لمساعدة زوجته الحامل، وهو الرجل ذاته في مصادفة أخرى هي التي جعلته يسمع المؤامرة التي تحيق بجبل، وغيرها من المصادفات التي كانت عنوانا لهذا الجزء من السلسلة.
فيما كان لتسريع الأحداث أثر في "خمسة ونص"، المسلسل الذي يؤدي دور البطولة فيه نادين نجيم وقصي خولي ومعتصم النهار، فالقفزة الزمنية في المسلسل عبر تسريع الزمن ست سنوات لم تعالج القضايا والأحداث العالقة، فيبدو وكأن الزمن قد مضى دون أن يحدث أثر في الوضع الصحي للفنانين والعلاقات بين الأشخاص وحتى العداوات، مثل بداية العداوة بين غمار الغانم وزوجة أبيه سوزان التي تدل على بداية صراع، دون أن تتقدم هذه التفاصيل أو تتصاعد بخطوة إيجابية أو سلبية.