& عبدالله جمعة الحاج&

على ضوء ما يحدث في المنطقة العربية وجوارها الجغرافي من قلاقل وأحداث جسام تتسبب فيها إيران، صار من الواجب علينا في دولة الإمارات العربية المتحدة التركيز على نظرية شاملة للأمن الوطني. ولا بد من البدء أولاً بالاتفاق على تعريف محدد لماهية الأمن الوطني الذي نتحدث عنه، ثم بعد ذلك الشروع في مدخلات وفرضيات ووسائل تقودنا إلى استخلاص تلك الجوانب المتعلقة بمكونات الأمن الوطني للبلاد. ذلك الحديث وما قد يعقبه من نقاش حول نظرية شاملة للأمن الوطني لابد وأن يتم بناؤه على أساس من الفهم المزدوج لمداخل ومحددات أو مكونات أمنية يمكن أن تصبح قدرات أو مخاطر أمنية وطنية.
وبالإضافة إلى ذلك، يتوجب علينا إدراك بأنه ضمن الأمن الوطني أن القدرات والمخاطر هما جانبان يصلح كل منهما على حدة للتطور لكي يحل بديلاً للآخر، بمعنى أن الثروات الوفيرة كقدرة اقتصادية وأمنية يمكن أن تتحول إلى خطر أمني منبعه الأطماع الخارجية في تلك الثروات والعكس صحيح، بحيث أن الثروة والقدرة الاقتصادية المرتبطة بها تشكل عنصراً مهماً في حماية البلاد. وهنا، فإن الفهم الأول يقود إلى الثاني، ويقودنا إلى السعي للبحث عن نقطة البداية في الخطر، لكي نقوم بتحويلها إلى قدرة على المواجهة، وربما أن هذا هو ما يشكل المحور الأساسي في صياغة النظرية الأمنية الشاملة.
وقد يتساءل الكثيرون عن سبب كل هذا الاهتمام الذي أوليه لدراسة الأمن الوطني لدولة الإمارات والعودة للكتابة عنه بين فترة وأخرى. والحقيقة هي وجود سببين لذلك: الأول هو شخصي يعود إلى وجود العديد من الأفكار المهمة التي أود إيصالها إلى القارئ لتنويره حول الموضوع. أما السبب الثاني فيعود إلى أهمية الأمن الوطني للدولة ذاته. هذه الأهمية تنبع من إدراك الدولة لمصادر قوتها، والعمل على تقوية وتعضيد هذه المصادر.
الأمن الوطني هو خلاصة التفاعلات التي تحدث بين عوامل داخلية تتعلق بحماية المجتمع من ما قد يواجهه من تهديدات ومن عوامل إقليمية مرتبطة بعلاقة الدولة بدول الإقليم، خاصة إيران، وعوامل عالية ترتبط بعلاقات الدولة مع العالم الخارجي وطبيعة تحالفاتها الدولية وعلاقاتها بالقوى العظمى والكبرى.
وفي هذا السياق، يوجد أيضاً جانب معنوي له صلة بالروح المعنوية للبلاد وقيادة شعبها، فالأمن الوطني هو ظاهرة ديناميكية متحركة ومركبة لها ثوابت ومتغيرات. وتمثل أهداف الأمن الوطني الإطار العام الذي تبدأ منه الاستراتيجية الوطنية للدولة بقصد تحديد الأساليب والأدوار لتنفيذ الأهداف المرسومة، وفي السنوات الأخيرة زاد مستوى الشعور بالأمن الوطني نتيجة لما يحدث حول الإمارات من تطورات محورها السلوك الإيراني العدائي في الخليج العربي، وسعيها نحو التسلح النووي والصاروخي الباليستي وأسلحة الدمار الشامل الأخرى، ما يشكل مصدراً للخطر. لذلك فإن الأمن الوطني الإماراتي يتضمن قدراً وافراً من الفهم الاستراتيجي في التحليل والتحديد، لأن ذلك يؤمن نشاطات الدولة السياسية والدبلوماسية والأمنية والاقتصادية والاجتماعية والبيئية كافة على المستويات الداخلية والخارجية في مواجهة التهديدات. وللحديث صلة.
*كاتب إماراتي

&