سارة مطر

&كنت أقرأ للمرة الثانية كتاب «ملك في منفى العمر» للأديب النمساوي أرنو جايجر، حيث وصف والده بعذوبة حين أرداه الزهايمر عجوزاً متسكعاً في دهاليز النسيان، قائلاً: «كملك في منفاه».


كتب جايجر سيرة ذاتية لمرض الزهايمر مسرحها والده، وأخذنا في كتابه إلى ما قام به من محاولات دائمة سواء منه أو من إخوته، لاسترداد أبيهم الذي تاه في مجاهل الشيخوخة عاماً بعد عام، ذكرنا بأن مريض هذا الداء يفقد الإحساس بالاحتواء بسبب ما يعانيه من تمزق داخلي، ولذلك تجده يتوق دائماً إلى مكان يجد فيه ذلك الاحتواء مجدداً، ولكن بسبب الإحساس بالاضطراب والارتباك الذي لا يفارق مريض الزهايمر، حتى في أكثر الأماكن التي كان يألفها، يصبح سريره أيضاً عاجزاً عن إعطائه الشعور بالاحتواء، وبأنه في البيت.

عانيت طويلاً من المشاعر القاسية التي حفل بها قلبي، بينما أعيد قراءة التجربة الإنسانية التي عايشتها أنا أيضاً مع والدي، رحمه الله، فمريض الزهايمر لا يخلق عذاباً لنفسه فقط، وإنما يسوق هذا العذاب لأسرته، التي تظل لا تعرف ما الذي يمكنها أن تفعله من أجل شفائه.

لقد شعرت بالسعادة وأنا أجد قصاصة كنت قد احتفظت بها، وكانت عن تبرع «بيل غيتس» بـ30 مليون دولار، لتشجيع تطوير فحوص جديدة من أجل الاكتشاف المبكر لمرض الزهايمر، وقال «غيتس» إن أحد دوافعه هو تجربته الشخصية مع أفراد من الأسرة يعانون من هذا المرض.

وتقول جمعية الزهايمر الدولية إن المرض يؤثر على ما يقرب من 50 مليون شخص في أنحاء العالم، ومن المتوقع أن يرتفع 131 مليوناً بحلول 2050.