خالد أحمد الطراح

اختطف القدر المحتوم الأخ الصديق الصدوق الدكتور أحمد عيسى بشارة، قبل أربعة أعوام، تاركاً فراغاً كبيراً بين أحبته في الكويت وخارجها.. لكن إنجازاته وذكراه العطرة في النفوس النقية لا تزال حيّة. غادرنا الدكتور احمد بشارة «بوفهد»، الذي حصد لقب النوخذة ليس امتداداً لتاريخ أسرته الكريمة فقط، إانما بسبب ما يتميّز فيه بدقة ومتعة التنظيم لرحلات السفر والإدارة المهنية المميزة في كل المواقع التي تبوّأها، الى جانب دوره الوطني في العمل السياسي. جمعتنا سنوات من المعرفة الطيبة، حيث كنا نلتقي تقريبا اسبوعياً كل يوم خميس في منزل المرحوم، للتمتع بوجبة سمك «الميد» المشوي مع صحبة من الاخوة الاعزاء؛ منهم: عبدالله الطويل وموسى الصراف، وعيسى احمد الخلف. كان صريحاً في حديثه الى حد كبير، سواء في مجلس رسمي او غيره.. له تعليقات وملاحظات دقيقة لا تخلو من الحكمة، منسجما مع قناعاته، عميقا في كتاباته ونقاشاته. ساعات عمل الدكتور بشارة لا تتوقف..

يعمل بنفس النمط طوال العام وفي شهر رمضان ايضا، فهو مبدع في عمله، وحازم في قراراته وبارع في ابحاثه العلمية، حتى نشر كتابه «الإنسان والكون». أصابته طعنة غدر غائرة قبل وفاته بسنوات من شخص، منحه المرحوم ثقة لا يستحقها، ودعماً في الوصول الى مراتب عليا على اكتاف بوفهد.. لم يتوقّع احمد بشارة آنذاك ان يكون حوله انتهازي الفرص وأناني الطباع وناكر للثقة! كنت حينها شاهداً مقرّباً على الطرفين، ساعياً الى التعامل مع قضية انسانية بميزان واحد وبصراحة شديدة مع الاخ المرحوم احمد بشارة والطرف الآخر، ولكن نالني الغدر ما نال المرحوم بوفهد، بينما الجاني يتربّع اليوم على اموال تكسّبها من دموع التماسيح وأزمة مفتعلة.. غيّر جلده كما تعمل الافاعي، يعيش الجاني في وسط مختلف، بين مستنقعات الخيانة والغدر، متمتعاً بالأكاذيب ومتلوّناً تحت راية جودة التعليم ومظلة بحثية جديدة! انقلبت الأيام حتى اليوم ضد الانتهازي؛ فالانتقام الرباني يمهل ولا يهمل.. ها هو يسكن بين دهاليز المحاكم في قضايا تزوير في مستندات رسمية وشبهات التعدّي على المال العام.. فاقد الوعي والضمير.

رحم الله أحمد بشارة، فقد كان رمزاً للوفاء لجميع من عرفه.. محسناً النوايا الى يوم الطعنة اللعينة. من غدر بأحمد وغيره من محيط من الاصدقاء وأصحاب الفضل عليه مهنياً وعلمياً.. يعيش اليوم أسير النفس المريضة، منبوذاً بين اصدقاء الماضي الجميل، ومن عرفه جيداً، وأنا قبل الكل. لله الحمد، ان العمل الوطني تطهّر من هذا الانتهازي والمتلوّن.. مبروك عليه تقبيل الرؤوس والخنوع، بعد مؤامرة الهروب الكبيرة! يظل احمد بشارة كبيراً في حياته وبعد وفاته. أما الوضيع، خائن العشرة، وناكر الأفضال، فيظل لصيق الخزي والذل بأفعاله وتفكيره مدى الحياة.. عائشاً كالأجرب!.