عبدالله بشارة

يتمتع جاري العزيز عادل الزواوي بقوة وطنية تتدفق في كل الأوقات وفي جميع المواقع ودائماً تحمل كلماته الوضوح، وأكثر من ذلك تأخذه إلى مسرح الوقائع فتراه في صالون مجلس الأمة بمعاضدة من أصدقائه، يثير ويشرح ويوضح، كل ذلك ينبع من غيرة وطنية تستشعر سلامة الوطن وتحدد مسارات المخاطر بإصرار على أن الهوية الكويتية التاريخية تتعرض للتحدي العبثي عبر أساليب يتقنها محترفو المفاجآت، سواء في تشريعات مباغتة من المجلس أو من تكاتف عشائري أو من تجمعات مهنية تتحمس لأعضائها.. وتعزيزاً لتحركاته كمنسق عام للمجموعة وأكبر مهندسيها، لا يبخل السيد عادل الزواوي من وقته ولا من جهده في استضافة زواره في منزله الأنيق في السرة، على الأقل مرتين كل شهر، لتبادل الرأي واستعراض الهموم وتحفيز الأعضاء لاحتمالات المفاجآت، وأجد هناك المتحمسين من أعضاء الشبكة وآخرين من المؤازرين وفريقا ثالثا يجمع المتعاطفين وبعض الأوفياء من عشاق رفقة المنسق العام.. أعرف ما تمثله المجموعة التي تشير إليها الصحافة بما يوحي بغموض أهدافها مع غياب مطبوعات تحدد مساراتها للوصول إلى ما تريد، مع تصويبات نقدية تمس نزاهتها بتواجد قوى غامضة لتحريكها، والإيحاء بدور لأشباح ترسم وتلقن وأعتقد أن سبب ذلك الاتهام أن المجموعة لم تضع أفكارها ليقرأها المتابعون.

تحتاج المجموعة إلى بناء صرح فكري يجسد أهدافها ويبرر مساعيها ويعبر عن همومها من دون التباسات لكي يقرأ الجميع محتوياته، وما يشدني نحو المجموعة وانسجامي مع صرخات المنسق العام ضد التطاول على الهوية الوطنية هو الإيمان بأن دستور الكويت نهضوي مستقبلي يتحاور مع الأماني التي يرددها الرأي العام، ويعتمد الدستور في ذلك على المواهب الوطنية للارتفاع بمكانة الوطن في جميع جوانب الحياة، سياسياً واقتصادياً وثقافيا، فكراً وانفتاحاً، ويشير إلى واقع أن الأذى الذي أصاب الكويت سببه الخروج عن الدستور والاستهتار بمعانيه واستغلاله للمكاسب والتسلح بالعضوية النيابية لرسم طبقية وجاهة، وتسخيرها للمزيد من الثروة مع التعاطي مع الحكومة بعدة وسائل فيها تجمع النعومة بالخشونة، لضمان البقاء في المجلس. ومن هذه الحالة البائسة جاء التحرك الغاضب من شرائح الشعب تدين الاساءة للدستور وتصرخ مطالبة الجميع الالتزام بحقائق الدستور كوثيقة نهضة مستقبلية تتعالى على العشائرية والطبقية وتسعى لبناء مجتمع الحداثة الذي كان يحلم به المرحوم الشيخ عبدالله السالم. وقد جاءت تحركات مجموعة الثمانين ضد التجنيس العشوائي من منابع الحرص على وصول الجنسية وفق القانون ولمن يستحق من المؤهلين بقدرته على إضافة لبنة في هيكل النهضة وليس من تدخلات أبناء العم والخوال والنسايب. وتدرك المجموعة بأن الكويت واحة مريحة وجذابة في مناخها السياسي ومتانتها الاقتصادية والأكثر في حصاد جنسيتها المملوءة بالامتيازات..

والواضح أن قلق المجموعة جاء من منح الجنسية الكويتية إلى من لا يستحق ولا يشكل مكسباً مؤهلاً يبرر المكافأة، وعلى العكس يضيف الكثير من أثقال الاختلال في شبكة التداخل المجتمعي، وأعتقد أن أكبر المخاطر لأمن الكويت وأكبر عامل لإتلاف محتوى الهوية هو تسلل آخرين لن يستوعبوا التداخل المصيري بين النظام السياسي وتربة الكويت وشخصيتها السيادية، وأن هناك انفرادية كويتية يترابط أمنها واستقرارها مع صحة النظام السياسي ومتانته، فيذهب النظام الملكي ويبقى العراق منكسراً ويتيماً، بينما في الكويت مبايعة ترابية وسياسية لا تنازع حولها، لأن منبع حياة الكويت ووجودها على هذا الكوكب وليد عقد تاريخي بين الطرفين يربط مصير حياتهما في سلامة هذا العقد. في الحقيقة لا ألوم التجمعات الكويتية على قلقها من إفرازات التجنيس الذي يأتي من وساطات النخوة والفزعة العشائرية، وما قد تسببه من أطروحات قد تؤدي إلى تحولات تؤذي القيم الوطنية التي تسود المجتمع. وليس التجنيس وحده الذي يؤرق المجموعة وإنما سلامة الآليات الأمنية التي تشكل الإستراتيجية الدفاعية للوطن وهي أربعة عناصر: الترتيبات الوطنية، ومجلس التعاون وترابطه، والمناخ العربي السياسي الملتزم بالخطوط الوطنية لكل الأعضاء في الجامعة العربية، والتحالفات الإستراتيجية التي وقعتها الكويت مع بريطانيا والولايات المتحدة، وتدرك المجموعة أن الأذى الذي يحيط بالكويت لا يأتي من جغرافية بعيدة وإنما من حماقات تصنعها فوضى الجوار، ما يستدعي يقظة أمنية دائمة.. ونضيف أن مجموعة الثمانين ضاعفت اهتماماتها الاقتصادية بالدعوة الملحة للمحاربة الرادعة للفساد وللفاسدين وضرورة تنويع مصادر الدخل بالانفتاح وتشجيع القطاع الخاص، والمناداة بالانضباط السياسي والاجتماعي، وأهم جوانبه السياسية الوفاء للدستور واحترام ضوابطه داخل المجلس وخارجه، لأن ذلك هو السبيل الوحيد لتأمين التعاون بين الحكومة والبرلمان.. يقود الأخ الفاضل عادل الزواوي مجموعة من حراس الدستور الساهرين لبث الوعي بأهدافه في اكتمال دولة القانون وما تعنيه من حرص على بناء الدولة الحديثة في النبل الإنساني في قوانينها وفي طموحاتها للوصول إلى أعلى المراتب في الارتكاز على القانون وإلزامية حقوقه وتقبلها من الجميع.. وهذه المجموعة معنية بالتزامها الوطني، لرصد السلوكيات التي تمس سلباً قضايا الجنسية، وتملك سرعة التحرك لقرع أجراس التحذير من بروز تهديدات لأمن الكويت ولهويتها وسيادتها..

تواصل المجموعة تواجدها القوي حاملة ملفات المستقبل، رغم علم فريق الإدارة بالاتهامات التي تصدر من خصوم استحضروا تهمة العنصرية، إضعافاً للطرح المنطقي للمجموعة في رفع سقف التحذير، وتلويث مسعاها، مستغلين تقصير المجموعة في توفير دوريات التثقيف التي تحمل مواقف المجموعة في الشأن الوطني، وأعتقد أن السبب في غياب كراس التثقيف يعود إلى سببين رئيسين، أولهما: التزام المجموعة في اعتمادها على روح التكاتف التطوعي المقتنع بأهدافها والنابع من يقين لدى المجموعة بأن جميع الكويتيين وكل ما في الكويت من تراث وتاريخ هو المرجعية الفكرية والسياسية والقانونية، وأنها صوت الكويت بلا تجميلات، والسبب الثاني: رفض المجموعة تشييد إطار مؤسسي يطوق انطلاقها نحو الجماعية الكويتية، ويرسمها كحزب، مثل التجمعات الأخرى، بمواصفات للعضوية واشتراكات سنوية، وتوزيع مناصب، فهذا النهج يضعف إيمانها بأنها للجميع وأن قلقها يترجم أحاسيس الجميع، وأهدافها ملك الجميع.. ورغم ذلك تظل جهود المجموعة بحاجة إلى استهداء بفلسفة معبرة عما يشغل المجموعة من هموم تتصل مباشرة بالوطن، ويظل تفسيري الشخصي بأنهم حراس معاني الدستور نحو الحداثة وهم صوت الدولة الحديثة التي تستهدي بالدستور وتصون أهدافه..