فاروق جويدة

وسط كوكبة من الفنانين العرب، شاركت بأمسية شعرية في احتفالية فنية رائعة بدعوة من صاحب السمو الشيخ حمد بن محمد الشرقي عضو المجلس الأعلى حاكم الفجيرة، حيث شارك عدد من الفنانين في أوبريت الفجيرة «من التراب إلى السحاب». الأوبريت كان عملاً وطنياً تحدث عن إنجازات دولة الإمارات العربية، وشارك في الغناء الفنان الكبير محمد عبده، وحسين الجسمي، وأحلام، وأخرجه الفنان السوري ماهر صليبي، ولحنه الفنان الأردني وليد الهيثم، وهو من تأليف الشاعر محمد سعيد الحمودي.

الأوبريت يتحدث عن مراحل التطور والبناء في دولة الإمارات من دولة تعتمد في مواردها واقتصادياتها على صيد الأسماك، واللؤلؤ، وبعض الأنشطة الزراعية، إلى دولة عصرية متقدمة إنتاجاً وبناء وتنمية.

كان العرض مبهراً في الرقصات والإضاءة وقد أشرف على إعداد هذا الأوبريت أحد عشاق المسرح في دولة الإمارات العربية، وهو المهندس محمد الأفخم، الذي تبنى دائماً مهرجان الفجيرة للفنون منذ سنوات بعيدة.

توقفت كثيراً وأنا أشاهد حفل الافتتاح عند هذا العدد من الجموع التي احتشدت على المسرح، وهذا المستوى من الرقصات التعبيرية، كما أن عنصر الإبهار في الإضاءة أضاف للعمل بريقاً خاصاً، فكانت الأشعار تتحدث عن الإنجازات بصورة مباشرة، ولهذا فهي تدخل في نطاق الأعمال الدرامية التسجيلية، وإن استخدم الغناء كفواصل بين فقراته، خاصة أنه جمع بين 3 أصوات من أجمل الأصوات العربية.

إنني أقدر كثيراً الجهد الذي تقوم به دولة الإمارات العربية على المستوى الفني والإبداعي، فأنت تستطيع أن تشاهد في أكثر من مكان حدثاً فنياً ما بين المسرح والغناء والفن التسجيلي والموسيقى والدراما، وهذه المهرجانات جمعت أكثر من فصيل فني من الدول العربية، خاصة أن مُخرج هذا الأوبريت سوري الجنسية والموسيقى من إعداد موسيقار أردني والغناء شارك فيه مطرب العرب محمد عبده بجانب أحلام والجسمي، ولا شك في أن انطلاق مثل هذه الأعمال الفنية يحقق قدراً كبيراً من البهجة على المستوى الشعبي.

أيام قليلة قضيتها في الفجيرة، ولم تكن المرة الأولى، فقد أقمت فيها أمسيات شعرية في أكثر من مناسبة، خاصة أني شاركت في هذا الحدث الفني الكبير وهو مهرجان الفجيرة الفني الدولي.

إنني أتابع اهتمام دولة الإمارات العربية والمسؤولين فيها بقضايا الفن والثقافة والإبداع، وهذه الأنشطة الفنية تعوض الكثير مما خسرته الثقافة العربية في السنوات الماضية أمام انسحاب عدد كبير من عواصم الثقافة العربية، مثل: العراق وسوريا، وهذا الغياب أمام ظروف سياسية قاسية، ترك فراغاً في الواقع الثقافي العربي، ودخلت الثقافة العربية سرداباً طويلاً من التجاهل والغياب، ولا شك في أن ما تقوم به دولة الإمارات من مهرجانات فنية وثقافية يعوض بعضاً من الغياب، خاصة أن المسؤولين فيها حريصون على توفير الدعم المادي لهذه الأنشطة، ونحن نعلم أن الثقافة الآن بكل فروعها أصبحت نشاطاً استثمارياً يتطلب الكثير من الإمكانيات والأموال.