أحمد المسلماني

قام الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بفتح الحدود لأجل دخول اللاجئين إلى الاتحاد الأوروبي، وبينما يتوقع كثيرون استسلام أوروبا للأمر الواقع، قالت الزعيمة الألمانية أنجيلا ميركل: "إنّ 2020 ليست 2015، وأن ما حدث عام 2015 لن يتكرر".

يقول الرئيس أردوغان إنّه يفتح الباب لاقتحام اللاجئين حدود أوروبا، لأن أوروبا لم تلتزم بوعودها الماليّة إزاء تركيا، وهنا كانت المفاجأة من المفوضية الأوروبية التى أعلنت أن أوروبا قد التزمت بما وعدت، وأن الجانب التركي هو الذي يماطل في التزاماته، وحسب المفوضية فإنّ "اتفاقية اللاجئين" تضمنت قيام الاتحاد الأوروبي بدفع (6) مليار يورو إلى تركيا مساهمةً في تحمّل الأعباء الاقتصادية للاجئين، وقد تلقّت أنقرة بالفعل (4,7) مليار يورو، جرى إنفاق (3,2) مليار منها، ولا يزال متبقيًّا مليار ونصف المليار يورو لدى أنقرة، ولا تُمانع أوروبا في دفع بقية التزامها طبقًا لاتفاقية اللاجئين والذي تصل إلى (1,3) مليار يورو، ولكنها تريد من تركيا الالتزام، وتحمّل أعبائها هى الأخرى.

وحسب وزير خارجية ألمانيا الذي صرح: "نريد أن تتحمل تركيا أيضًا نصيبها، نريد التوزيع العادل للأعباء، لكن لن نقبل استغلال البشر كرهن سياسي، إن هذه المناورة التفاوضية لن تؤدي إلى النتيجة المنشودة".

إن تنفيذ الاتفاقية وكشف الاتحاد الأوروبي للمماطلة التركية تدور أشواطها، شوطًا تلو الآخر، بينما يعاني 10 آلاف طفل من دون ذويهم في المخيمات اليونانية، فيما غادر الآلاف برًا وبحرًا من تركيا إلى اليونان، وتحوّلت جزر بحر إيجه من مصدر للجمال الخلاب إلى مصدرٍ للقلق والخوف، وقد أصبحت جزيرة "ليسبوس" نموذجًا لتلك الصورة الذهنية الجديدة.. جزيرة الآلام، وقد اختار عالم الاجتماع السويسري "جان زيجلر" عنوانًا صادمًا لكتابه الجديد "ليسبوس.. عار أوروبا"، وقال المثقف الأوروبي اليساري البارز: " إن الوضع السيء للمخيمات في "ليسبوس" أسوأ من الوضع في بنجلاديش وهاييتي وغواتيمالا، حيث لا ماء ولا كهرباء، ولا دورات مياه، وحيث تتحمل اليونان وحدها - وهي بلد متعثر إداريًّا ومنهك اقتصاديًا - معضلة مواجهة موجات الفاريّن من طالبي اللجوء".

وحسب مقال للكاتبة "آمال عويضة" التي حضرت لقاءً للفيلسوف الفرنسي في جنيف، فإن "زيجلر" يدعو إلى رفع دعوى جنائية ضد الاتحاد الأوروبي باعتباره مسئولًا عن إحدى جرائم الإبادة الجماعية، وإنّ دعوة "زيجلر" يرفضها الأوروبيون الذين يحملّون تركيا المسئولية عن منبع الأزمة سواء في سوريا برعايتها الجماعات الإرهابية، أو في تركيا بالمماطلة المالية ومحاولة الحصول على أكبر إفادة ممكنة من الجانب الأوروبي.

بدَا الرئيس أردوغان إنسانيًّا في بداية الأزمة السورية، ثم سرعان ما تراجع الوجه الإنساني لصالح الوجه الاقتصادي، وبينما يمنع أردوغان استقبال اللاجئين الجُدد من إدلب، فإنه يُعيد التفاوض بشأن الدفاتر الماليّة السابقة، مهدِّدًا بالتخلص من اللاجئين القدامى، والقاعدة الوحيدة التي باتت تحكم أردوغان هي: الأعلى سعرًا!، فيما يتشارك الأتراك والأوروبيون في صناعة الألم في سوريا.