اندلعت قبل عشرين عاماً تقريباً، وفي الأول من نوفمبر 1999 ، أحداث شغب كبيرة في منطقة خيطان الجديدة، بسبب شجار بين وافدين؛ أحدهما من الجنسية البنغلادشية، والآخر من الجنسية المصرية، نتج عنها عمليات عصيان وتخريب من الجالية المصرية في تلك المنطقة، بسبب اعتبارها أن الشرطة تدخلت لمصلحة الوافد البنغالي.

في أعقاب تلك الواقعة - التي جُرح فيها مئة شخص، واعتُقل أيضاً ألف من المتظاهرين، الذين تم ترحيلهم لاحقاً - كلَّف مجلس الأمة في حينه لجنة تحقيق برلمانية، برئاسة النائب السابق المرحوم سامي المنيس، بالتحقيق في الحادثة، وتحري أسبابها، ووضع توصيات لمنع تكرارها.

وبعد ما يقارب ستة أشهر تقريباً انتهت اللجنة إلى صياغة تقرير شامل عن الأسباب والتوصيات، وشملت تحقيقاً عن تجارة الإقامات، وتكديس العمالة في مناطق معيَّنة لتوفر بعض الشركات مصاريفها، وكذلك طبيعة تلك العمالة ومستواها الثقافي والتعليمي.

التقرير أوصى بتثمين وإزالة منطقة خيطان الجديدة، والتخطيط لمدن عمالية، وتخفيض العمالة من العزاب وذوي المستوى التعليمي المتدني، كما شدد على ضرورة وضع عقوبات وإجراءات صارمة على المتاجرين بالإقامات، ووافقت الحكومة على التصويت عليه وإحالته لها.

واليوم، وبعد 20 عاماً من ذلك التقرير، تكشف لنا أزمة فيروس كورونا أننا في الكويت لم نستفد شيئاً من دروس الماضي، ومازلنا نعيش في أخطائنا التي مرَّت علينا قبل الغزو العراقي (1990) وبعده.

***

هناك مَنْ يبالغ في توقعاته، نتيجة عمليات تشجيع ترحيل العمالة المخالفة، فعملياً لا أتوقع أن يغادر البلد نتيجة هذه الحملة أكثر من مئة ألف وافد في أحسن التوقعات، وهو رقم لا يعني شيئاً مع تركيبة سكانية مختلة بأكثر من 3 ملايين وافد.

تعديل التركيبة السكانية يحتاج إلى تغيير نمط حياتنا كُلياً، سواء في منازلنا الكبيرة التي تحتاج إلى عمليات صيانة كثيرة، أو اعتمادنا الكُلي في كل شيء على العمالة الوافدة، فليس كل ما يحدث في البلد سببه تجار الإقامات، الذين يجب أن يُعاقبوا بأشد العقوبات، علماً بأننا لا نريد مزيداً من القوانين بهذا الشأن، فقوانين الاتجار بالبشر الموجودة كافية ووافية.

***

لابد كذلك أن أسجِّل اعتراضي من الناحية الإنسانية على عمليات ترحيل العمالة الوافدة أثناء وجود وباء عالمي، وهو ما يعرِّض ربما حياتهم للخطر أثناء السفر والتجمُّعات الكبيرة التي تسبق ترحيلهم.