نواصل الحديث عن الرئيس ترمب، وحقيقة اتهامه بالعنصرية، ولا شك أنه شخصية جدلية، تتميز بالنرجسية والعناد، ويتكئ معظم من يتهمه بالعنصرية على مطالبته بقتل خمسة من الشباب السود قبل سنوات طويلة، وهو الأمر الذي تحدثت عنه في المقال الماضي، وأيضاً على تصريحاته المستفزة عن الأقليات والمسلمين، عندما طالب بمنع دخول المسلمين للولايات المتحدة، ولا يمكن الجزم بأن هذا يعني أنه عنصري، إذا ما علمنا أن هذه كانت هي إستراتيجية مستشاره الذي أوصله إلى البيت الأبيض، ستيفن بانون، وبانون محافظ ويتهم بالعنصرية، وقد يكون كذلك، وغني عن القول أن ترمب عزل بانون من منصبه، بعد عدة أشهر من تعيينه، لأن الأخير كان يريد من ترمب أن ينفذ سياساته اليمينية، التي تعهد بها أثناء ترشحه للرئاسة، ووجد ترمب صعوبة في تنفيذ تلك الوعود، لأن معظمها يتعارض مع القيم الأمريكية، كما أنه رئيس لكل الأمريكيين، على اختلاف تنوعاتهم العرقية والدينية والاجتماعية.

وما عدا ما ذكر آنفاً، لا توجد تصريحات لترمب تشير إلى عنصريته، خصوصاً ضد السود، فلم يشهد أحد أنه استخدم عبارات عنصرية ضدهم، مثلما حدث مع ساسة آخرين، كما أنه ليس من الجنوب الأمريكي، وهي المنطقة العنصرية تاريخياً، حيث ولايات ألاباما وميسيسيبي وجورجيا وغيرها من الولايات، التي انفصلت عن أمريكا، بعد أن تم إلغاء الرق، فهو من مواليد مدينة نيويورك، بوابة أمريكا إلى العالم، والمدينة التاريخية، التي تصنّف على أنها «المدينة الدولية»، فهي تمثِّل التنوّع السكاني لكافة أنحاء العالم، ففيها يعيش كل أصناف البشر، من أوروبيين وآسيويين وأفارقة ولاتينيين وهنود وصينيين، كما تضم بين جنباتها الواسعة كل أتباع الديانات المعروفة، فهل يعقل أن كل هذا لم يؤثِّر على دونالد ترامب، وعلاوة على كل ذلك، فهو رجل أعمال براقماتي، يهمه نجاحه بالدرجة الأولى، والعنصرية ستحدّ من نجاحه دولياً بلا شك، والخلاصة هي أنه يصعب على خصوم ترمب إثبات عنصريته، ولكنهم يركِّزون عليها، لأنها تخدم الأجندة المضادة له.