هناك قاعدة إعلامية تقول ليس هناك إعلام محايد، أي أن لكل صحيفة ووسيلة إعلامية أهدافاً ومصالح.

وهذا لا يعني أن الكتّاب محايدون في الرأي والتحليل وأنا أحدهم، على أن يكون صاحب الرأي حصيفاً وموضوعياً إزاء مجريات شتى الأحداث، من دون أن تكون لديه مصلحة شخصية تعود عليه بالمنفعة المادية لتكون وقوداً لقلمه، وهو الابتذال الأخلاقي والمهني والتسول غير العلني.

تبيّن لي إلكترونياً وإعلامياً صحة ما تنبأ به النائب شعيب المويزري ويخشاه عن تعرض استجوابه لوزير الداخلية انس الصالح للتعتيم الإعلامي.

فمع اللحظات الاولى من انتهاء الاستجواب يوم الثلاثاء 18 أغسطس 2020، لم يهدأ الإعلام الالكتروني من تدافع محموم من نواب وآخرين في إبراز التأييد للوزير انس الصالح وترديد مقتطفات انتقائية لبعض ما ورد من ردود للوزير لم تكن بمستوى السرد العميق للنائب شعيب المويزري، خصوصاً حين يكون الاستجواب حول جهة غاية في الحساسية والأهمية كوزارة الداخلية.

لابد من استحضار مصطلح او قول متداول إعلامياً منذ زمن حول وجود المال السياسي في شتى المجالات، وعن استثناءات ومحاصصة حكومية للنواب الموالين لها، وهو ما كان له دوماً تأثير في مسار العمل البرلماني.

وعن الحسابات المأجورة، أقول هناك تحقيق للجنة حماية الاموال العامة البرلمانية برهن عن مدفوعات من المال العام للمغردين، وهو ما يمكن الرجوع إليه والتثبت منه لربطه مع ما جرى ذكره من قبل النائب شعيب المويزري.

اما مانشيتات بعض الصحف بخصوص الاستجواب، فقد كانت مؤشراً واضحاً نحو تأييد مطلق للوزير انس الصالح، بينما مادة النائب المستجوب شعيب المويزري لم تحظ بمساحة النشر والإخراج والاهتمام نفسها.

كما هو معروف سياسياً فإن الصحافة لها سلطة تأثير على القرار السياسي قبل الرأي العام، فممكن أن تطيح صحيفة وزيرا او حكومة بكاملها او تنقذها من الغرق، بشتى الطرق والأخبار والتعليقات المكثفة والموجهة نحو ما يخدم المصلحة والهدف.

تلا الاستجواب تدفق لتسجيلات «مسربة» تخص إدارة أمن الدولة.. فلولا الاستجواب لما انكشف المخفي والاختراق للجهاز الامني، وهو فعلا ما ينتزع ثقة المواطن بدور وزارة الداخلية في حماية الشعب وليس العكس بسبب وجود بعض فاسدي الذمم.

مهم تأكيد ان الاستجواب هو سؤال مغلظ، وليس محاكمة تستوجب توافر الأدلة الجنائية، فالمعلومات التي أماط اللثام عنها النائب شعيب الموزيري هي برهان سياسي على تغلغل الفساد في مفاصل بالدولة، وتقاعس الأجهزة الرقابية كوحدة التحريات والجهات الأمنية ذات العلاقة، قد تكون بمعرفة الوزير الصالح او ربما بأمر منه.

فثمة جوانب غامضة خاصة بالصندوق الماليزي، التي تراكمت نتيجة تهاون رسمي في التناول الاعلامي بشفافية كحركة دخول جو لو، الماليزي، الى الكويت وطبيعة الإجراءات والتحقيقات المُتخذة، وتبيان سبب تقاعس الأجهزة الرقابية بهذا الشأن منذ سنوات، وتحديدا منذ التشكيل الوزاري الحالي.

الى ذلك، تقارير ديوان المحاسبة حملت سجلاً حافلاً بالمخالفات اثناء تولي انس الصالح حقيبة المالية، وكذا الحال في تحقيقات لجنة حماية الاموال العامة البرلمانية، حيث برهنت التحقيقات عن مخالفات جسيمة تتعلق بالمال العام، وسبق لي تناول التفاصيل بسلسلة مقالات منها «حكومة بلاغ ضد بلاغ» والقضية رقم 2139/‏‏2016.

سبق للوزير الصالح استغلال سلطته، حين وجه كتاباً الى النائب العام في 23 نوفمبر 2017 اثناء استقالة الحكومة ينفي فيه بلاغاً له في 2016، وهو أمر مثير للشبهة ولا يندرج تحت التكليف بتصريف العاجل من الأمور!

الأهم أوجهه الى الأخ الفاضل صباح الخالد، رئيس مجلس الوزراء، في اقتناص الفرصة الحالية لإثبات نهجه الاصلاحي حتى لو بقيت من عمر مجلس الامة أيام.

إذا ما غض النظر رئيس الحكومة عن كل ما ورد في المرافعة السياسية للنائب شعيب المويزري، فبرأيي ان الثمن سيكون مكلفاً سياسياً على الشيخ صباح الخالد.

أكرر، أمام الشيخ صباح الخالد خياران لا ثالث لهما، وأتمنى ان تتفوق رجاحة العقل وحكمة القرار في مثل هذه الظروف المعقدة والحرجة سياسياً للغاية.