تزعجني ظاهرة إحياء الحزن من جديد، كذكرى وفاة أو ذكرى انهيار نفسي حدث لأحدهم أو ذكرى زواج تدمر مع الأيام، أو أي ذكرى مؤلمة حدثت في تاريخ الإنسان وانتهت. ولا أفهم ولا أتفهم لماذا يفعل الناس ذلك، هل هو حباً للمعاناة أم رغبة لأخذ الدروس والعبر ومراجعتها أم خوفاً من انزلاقها من الذاكرة، فيصبح من الواجب صيانتها دورياً رغبة في تثبيتها الحزين؟
لماذا كل هذا؟ لتحزن أكثر وتنهار أكثر وتبكي أكثر وأكثر؟
ومع تفهمي لحجم الألم والمعاناة الذي يحدث للإنسان نتيحة ألم أو حدث مزعج أصابه في حياته، إلا أنني متفهمة أيضاً أن الحياة تسير إلى الأمام ولا تعود للوراء أبداً. فلماذا تعود لنقطة انتهت وتحيي الذكريات التي من الواجب أن تموت داخلك من أجل صحتك النفسية. أما أولئك الذين يوزعون أحزانهم على عمرهم بأكمله، هؤلاء أشفق عليهم جداً، فهم لم يتقبلوا أن الحزن شعور إجباري من حقه أن يعيش معك وفي حياتك مثله كالفرح والسعادة، فهي سلسلة مشاعر واحدة يختلفون في التأثير والنوع، ولكن يتشابهون في الأصل ودورة الحياة الشعورية. مهما كنت سلبياً فستمر بسعادة ومهما كنت إيجابياً فلا بد من سحابة حزن، فهذا أمر طبيعي جداً في فهم المشاعر، وفي قانون المشاعر، الشعور الذي تسمح له بالمرور يمر بسلام، والذي تقاومه يقاومك، والذي تحاربه يقتلك، والذي تهمله يفتك بك، والذي تتقبله يتقبلك.
وعند هذا القانون راجع تفاصيل حياتك الآن.
ركزت على الحزن، ستجد كل الأحداث الحزينة تأتي إليك فهي تزداد بالتركيز وتتوقف بالقبول، فركز على الخير، لتجد كل الخير يعرف طريقك، في المقابل قاوم الشر وخَفْ من الأشرار يظهرون أمامك، أما إذا تقبلت وجود كل شيء على اختلافه عنك، الخير والشر والصواب والخطأ والسلام والاضطراب، فستتفهم أن كل شيء من حقه أن يعيش وأنت من تشبك مع من يوازيك شعورياً.
راقب حياتك
ثم اطلع على كلماتك
ثم دون ما تقاومه وما تخاف منه
وما تهمله
ستجد كل ما سبق هو ما تعيشه الآن
دع المشاعر تمر بسلام لتكون حياتك سليمة
ودع كل الألم والحزن يقف عندك
لا تنقله للناس، لا تركز عليه
إلا إذا كنت تريد أن تذكر كيف خرجت من ظلمة الحزن إلى نور تخطيه.