يثير الاهتمام الكتيب الصغير الذي أصدره البلجيكي "جونتر باولي Gunter Pauli" والذي يعرّف نفسه بكونه متعهد البناء أو المقاول، بينما في الحقيقة ترمقه الأوساط العلمية والاقتصادية بصفته المفكر والباحث الاجتماعي والبيئي، بل ويعد بحق المنفذ المثالي لمبدأ الزراعة المستديمة أو للنماء المستديم، ليس فقط في مجال الزراعة فقط وإنما كافة المجالات الاقتصادية ابتداءً من مواجهة المجاعات وانتهاءً بإنتاج الطاقة البديلة تمهيداً لمرحلة ما بعد النفط.

والكتيب الصادر مؤخراً هو واحد من سلسلة كتب ومقالات وحوارات أصدرها جونتر باولي تتناول النظر لمشكلات الأرض من زاوية جديدة ومبدعة خارجة عن أنماط التفكير التقليدي، وهو كتيب لا يتعدى المئة صفحة ويتضمن أسئلة وإجابات تدور حول نقاط القلق أو القضايا التي تشغل البشر في وقتنا الحالي الحرج "زمن الكورونا" والـ"5G" والقلق البيئي.

وهنا أجدني متحمسة لاقتباس سلسلة من بعض تلك التساؤلات والإجابات التي أجدها بالغة الأهمية حيث تدعو للمزيد من التساؤل والبحث عن منتهى الإجابات.

يواجه باولي التساؤلات مثل: "لماذا يجب علينا دراسة تأثير الحقول المغناطيسية على علم الأحياء؟"

ج: يتكثف ويتسارع التواتر وشدة التعرض للحقول المغناطيسية مع التقدم السريع في العلوم والتكنولوجيا. يمكن أن يبلغ متوسط تركيز الأجهزة المصدرة لتلك الموجات الكهرومغناطيسية إلى مليون جهاز لكل كيلومتر مربع، وذلك من مجموع الاتصالات اللاسلكية، وأنظمة المراقبة الأمنية، وهواتف الأطفال، ونظام تحديد المواقع العالمي (GPS) والأقمار الصناعية المحومة في مدار الأرض.

لذلك، من الضروري إجراء دراسة منتظمة ومترابطة لتأثير المجالات المغناطيسية على الجسم والبيئة المعيشية من حولنا. نظرًا لأنه من الصعب عرقلة نفاذ هذه الحقول المغناطيسية ويمكنها اختراق المباني والجسم بحرية، فنحن بحاجة إلى دراسة تأثيرها على الحياة البيولوجية. نعلم على سبيل المثال أن الموجات الكهرومغناطيسية تتفاعل مباشرة مع الأيونات والبروتينات والمواد المغناطيسية الموجودة داخل الجسم البشري (مثل الحديد في الهيموجلوبين). السؤال الذي يجب طرحه هو: "ماذا يعني هذا لصحتنا ورفاهيتنا؟"

س: هل هناك مساهمات إيجابية في المجالات المغناطيسية في علم الأحياء؟

ج: يعود البحث في مجالات الحقول المغناطيسية إلى أكثر من قرن. حيث إنه قد نتج عن الفهم العميق للتأثيرات البيولوجية للمجالات المغناطيسية اختراقات طبية ملحوظة مثل التصوير بالرنين المغناطيسي (MRI)، ومثل الـ(TMS) التحفيز المغناطيسي عبر الجمجمة وهو إجراء غير جراحي يستخدم المجالات المغناطيسية لتحفيز الخلايا العصبية في الدماغ لتحسين أعراض الاكتئاب والميول الانتحارية لدى الأطفال خاصة وذلك حين لا تكون علاجات الاكتئاب الأخرى فعالة، ابتكارات مهمة ساهمت في تحقيق تقدم مذهل في فهم الدماغ، وتطوير أساليب الرعاية الصحية، حيث ثبت أن الموجات المغناطيسية لديها القدرة على العمل كعلاج تكميلي يزيد من فعالية العلاج الكيميائي لمحاربة الأورام، نظرًا لأن الحقول المغناطيسية تؤثر على نمو الخلايا، فإنها يمكن أن تمنع تكاثر الخلايا السرطانية من خلال نشر الموجات الراديوية التي تعزز فعالية الأدوية القاتلة للخلايا السرطانية. الأمر الذي يمكن أن يساهم في إنقاذ حياة الأشخاص الذين يعانون من مرض السرطان، وهو ثاني أهم مسببات الوفاة وذلك بعد المجاعات التي تقتل العدد الأكبر من البشر عالمياً".

يتبع..