تصلني رسائل عديدة عبر «الواتس» وأقرأ بعض التغريدات في تويتر من بعض الأخوات والاخوة المقاطعين تدعو الى التصويت لابنهم المرشح الذي يخوض هذا السباق، ولعل هذا الأمر أعادنا إلى ‏⁧‫ثنائية المشاركة والمقاطعة التي قُتلت بحثاً ونقاشاً بين مؤيد ومعارض، وكلٌ له رأيه وحججه وأسانيده المقدرة بالطبع، وأعتقد من الخطأ الجسيم إعادة فتح هذا الملف مرة أخرى، لأنه ببساطة تجاوزنا هذه القضية تماماً ولن تقنع المقاطعين بالمشاركة ولا المشاركين بالمقاطعة، وبصفتي من أوائل من كان يدعو للمشاركة منذ فجر صدور مرسوم الصوت الواحد، فما زلت متمسكاً برأيي بأهمية وضرورة المشاركة، وسأترك هذا الموضوع للزمن والتاريخ، لعله يكون كفيلا بالحكم على المواقف، بالرغم من أن الكثيرين قد لحسوا كلامهم (وقطوه قري)، وأصبحوا لاحقاً يرددون ما كنا نقوله في البدايات الأولى من أسباب ومبررات أهمية المشاركة وعدم ترك الساحة، بيد أن ما أثار الانتباه والاستغراب معاً، ويجب التوقف عنده، هو دعوة بعض المقاطعين من الرموز والشخصيات التي تتدثر بالوطنية الى انتخاب «ابنهم» فلتة الزمان، الذي قرر الترشح لعضوية مجلس الأمة في موقف ينم عن مصلحة ذاتية وأنانية طاغية، هذا فضلاً عن تناقض فاضح بالمواقف وتراجع عن المبادئ، بل إن كل المبادئ والقيم قد تكسرت على صخرة المصالح وحب النفس والذات، وهم الذين قد تنمروا على كل من شارك وأشبعوهم شتماً وسباً وتخويناً، متهمينهم بالتخاذل والانبطاحية والخنوع للحكومة، بل أخرجوهم من الوطنية برمتها، وهذا الموقف أسقط كل نظرياتهم وأحاديثهم وشعاراتهم عن النضال والتضحية والإصلاح، يا سبحان الله عندما أصبح الأمر متعلقاً «بولدكم» دارت الدوائر واختزلتم المراحل وتنازلتم عن مقاطعتكم وأصبحت المشاركة حلوة ولذيذة بعيونكم!

ما في الضمائر خمس وعشر ونصف كما يقول مولانا مظفر النواب، وكذلك ما في المبادئ خمس وعشر ونصف، فهي لا تتجزأ ولا يمكن لَيّ عنقها وتطويعها لمصلحتكم، وإلا ما الفرق بينكم وبين الآخرين؟ فقد كنتم تعيبون على أبناء القبائل انتخاباتهم الفرعية، وكنتم تنادون بالحكم الديموقراطي والسيادة للأمة، وترفعون شعار العدل والحرية والمساواة، لكن عندما توقف الأمر عند «ولدكم» أخذتكم العاطفة ودعوتم الناس للتصويت والمشاركة، ورفعتم بالخفاء شعار «هذا ولدنا»، في موقف يعبّر عن الاستمرار في التراجع والسقوط، ولهذا ولغيره من الأسباب التي لا تكفي هذه المساحة لشرحها انكشفتم وابتعد الناس عنكم.

على أية حال ‏وعلى العموم التراجع في المواقف مع الثبات على المبدأ أمر جيد، ولكن التناقض في المواقف حسب المصلحة دليل على النفاق والچمبزة، خاصة عندما ينتهج ويسلك السياسيون هذا الطريق، لهذا والتزاماً بالمبادئ التي تخليتم أنتم عنها لن ننتخب ولدكم!