رجل جاثم على ركبتيه في شارع مظلم، يبكي خائفا.

خلفه مسدس مصوب إلى رأسه. اليد التي تمسكه يد «تايلر ديردن»، ذكيٌّ معتوه، لا يمكن التنبؤ بتصرفاته. يأخذ تايلر محفظة الرجل ويخرج رخصة القيادة ليرى اسمه. «ريموند، سوف تموت». ينتحب ريموند، لم يقترف أي جرم! «ماذا تريد أن تكون يا ريموند؟ لديك 10 ثوان وإلا فجرت رأسك». تتطاير الأفكار في رأسه، كيف يفكر في سؤال كهذا الآن؟ لكن حياته مقرونة بالجواب، ينطق أخيراً: «طالما أردتُ أن أكون طبيبا بيطريا!». يتركه تايلر. غدا سيكون ريموند أسعد رجل على وجه الأرض، ليس فقط لأنه كُتبت له حياة جديدة، بل لأنه عرف ما يريد أن يكون فعلاً، وسيترك عمله الممل كبائع في البقالة ليتخذ من شغفه مهنة.

هذا مشهد شهير من فيلم Fight Club، والكثير من الناس هذا ما يحتاجونه بالضبط! ليس بالضرورة تهديداً من مجذوبٍ مسلّح ولكن صوتاً حازماً وتوجيهاً حكيما يجعله يصحح مساره ويترك تضييع عمره. أكثر الناس لديهم مواهب كامنة وقدرات خام لكنها تظل خاملة لأن صاحبها اكتفى بمعرفة أنها موجودة ولم يكترث أن ينشطها، أو أن زخم الحياة يدفعه نحو الروتين اليومي فقط ولم يترك له مجالا أن يمارس أي شيء خارج هذا الإطار المحدود المتكرر.

لو أن تايلر ظهر فجأة في حياتك لتركت هذه الحياة الرتيبة واستكشفت شغفا حقيقيا ولربما صنعت منها مهنة ومصدر دخل. النفس البشرية مجبولة على أشياء كثيرة، معظمها نافع لكن بعضها يجب ترويضه وضبطه، منها مبدأ يسمى الطريق الأسهل، فهو مريح للجسد لكنه ضار بالعقل والمستقبل، فيجعلك تستلقي لتشاهد المباريات أو المسلسلات بدلا من القراءة وتطوير الذات، لأن الأولى أسهل وأمتع، والهوى ليس سيئا في ذاته إلا إذا ألهى عما هو أهم. إن البعض قاوم المبدأ وصنع لنفسه حياة أفضل، حتى ولو كانت حياةً داخلية، والكثير استسلم للمبدأ فصار جسده وعقله وحياته تجسيدا للخمول والتكرار وضياع القدرات وتفتُّت المواهب وتبخّر الفرص.

الحياة تسير، نشّط شغفك، اصنع داخل نفسك «تايلر»!