تراود الجميع فكرة تخيل المستقبل، وكيف سيكون بَعد هذه الطفرة الهائلة من التقدم التكنولوجي، ما يجعل الفرد يتساءل كيف سيكون المستقبل؟ وكيف سيكون عالمنا؟

تنفق الدول والمؤسسات مبالغ ضخمة، من أجل تطوير حياة الفرد وتسهيلها، وتقديم أفضل المستويات الممكنة لمعيشة أفراد المجتمع، من خلال استغلال التطور التكنولوجي، الذي سيشكل تغييراً جذريّاً في كل جزئيةٍ من حياتنا، إذْ من المتوقع أنْ يتم ابتكار وتصنيع آلات مستجدّة، لا تخطر في بال إنسان اليوم، وليس بمقدور العقل البشري أنْ يتخيلها، فقبل مئتي سنة من الآن لم يكن يتوقع أحدٌ أنْ يتمكنَ الإنسان من الطيران بينما أصبح الطيران اليوم من الأمور المعتادة، ويتوقع العلماء ومحللون الوقائع وتطوير المخترعات في سنة 2050م أنْه سيكون بمقدور الفرد أن يزود السيارة بإحداثيات الموقع الذي يرغب في زيارته وأنها ستتولّى مهمة إيصاله بسرعة وبلا أدنى عناء، ويتوقع في سنة 2050م أن يصبح الطيران متاحاً بشكل كبير حيث سيمكنك من رؤية السماء مزدحمة بالمركبات الطائرة، وأن القطارات ستغدو سريعة جداً، بحيث تحل (هايبرلوب تونز) محل قطار الأنفاق، وقطار الرصاصة وستبلغ سرعتها 1100 كيلومتر في الساعة، ويصبح السفر متاحاً في لمح البصر، ويتوقع أنْ تصبح كل الأجهزة المنزلية ذكية من الثلاجة إلى الميكروويف وآلة الغسيل وغيرها، ويمكن التحكم فيها عن بعد، وأنْ تتوقف السيارات عن تلويث البيئة بعوادمها، وسترى في الطرقات السيارات الكهربائية وما هو أرقى منها، ما سيساهم في القضاء على التلوث، وسيتمكن المستخدم للهاتف من شحنه بواي فاي (عن بُعد).

والمتابع للتطور التكنولوجي والصناعي ومدى تأثيره في بيئة العمل ومستقبل الوظائف سيلاحظ أن هناك تخصصات باتت الأهم والأبرز اليوم، نظراً للحاجة الماسة إليها، بما فرضته التكنولوجيا بقوة على الإنسان، ومنها على سبيل المثال:

- المحاكاة الرقمية: وتتمثل مهمة القائم بها في قياس تأثير بعض الظواهر في المنتجات، وبالتالي تحسين الأداء، وسيطلب من المرشحين لها امتلاك موهبة وقدرة تقنية عالية؛ في العمليات الحسابية، وفي تخصص الرياضيات، وتطوير الحاسوب، ومن ثَمّ فستطلُب الشركات مهارات وتجارب لا تقل عن مهارة طالب دكتوراه وقد زاد عدد الوظائف المتاحة ثمانية أضعاف بين عامي 2016 و2018 في هذا المجال.

-التصنيع بالإضافة: المعني بهذا التخصص هو مهندس الطباعة ثلاثية الأبعاد ودوره يكمُن في تصميم أجزاء الآلات وضمان جودة إنتاجها والاهتمام بشكل المنتجات وموادها المكونة ما يستدعي معرفة بالتصنيع وخصائص المواد.

-الذكاء الاصطناعي: ويطلق على القائم به أيضاً المحلل أو المطور، وتكمن مهمته في البحث والتطوير والتحقق من الأدوات والمنهجيات الضرورية لحل المشكلات المعقدة باستخدام الخوارزميات، وتطوير برامج قادرة على التفكير كالإنسان، وفي العامين المنصرمين تضاعف عدد الوظائف الشاغرة لمهندسي الذكاء الصناعي بأكثر من ثلاثة أضعاف في أغلب الدول المتقدمة، ويترشح لهذه المهمة خريجو كليات الهندسة، ويفضل حملة درجة الدكتوراه في هذا المجال.

-الواقع الافتراضي: تكمن مهمة المشتغل فيه بتصميم وتطوير برامج وأنظمة وأدوات للغوص في العالم ثلاثي الأبعاد كسماعات الواقع الافتراضي أو قفازات التحكم وباعتباره طرفاً مهماً في خدمات البحث والتطوير، ويجب أنْ يتقن لغات البرمجة وخوارزميات النمذجة وبرامج رسوم الحاسوب.

-كوبوتيك: وهو المهندس الذي يختص بمجال التفاعل بين الإنسان والروبوت وتصميم وتطوير وصيانة الكوبوت كأذرع مفصلية روبوتية حيث يتزايد الطلب على هذه الأطراف في الإنتاج الصناعي لإخراج الإنسان من المهام المتكررة والمقيدة وعليه تصميم وتطوير أنظمة التحكم في الحركة ومخطط المسار وتتطلب هذه الوظيفة شهادة مستوى مرتفع كالبكالوريوس في الهندسة في مجال الروبوتات أو الميكانيك أو الهندسة الصناعية أو الأتمتة.

وفي عام 2035 يتوقع أنْ تنفَدَ من الأرض المواد الأولية للطاقة في أغلب الدول مثل الفحم والنفط والغاز، وستبرز الحاجة لبناء وسائل الحياة في الفضاء الخارجي، ولهذا السبب يستعد العالم لاكتشاف خفايا الفضاء، وتتسابق الدول المتقدمة لإرسال الأقمار الصناعية للفضاء... ولذا علينا أن نطلق العنان لطموحاتنا لدخول سباق غزو فضاء العلم بإنجازاتنا.