اللبنانيون المحاصرون بالمشاكل والانتماءات الخارجية يتساءلون: هل بالإمكان استعادة الشعور بالاطمئنان الى المستقبل؟ والتساؤل شرعي وملحّ لان جيل الشباب من جميع الطوائف يسعى الى تحصيل العلم في الخارج والاندماج في المجتمعات الحديثة.

لبنان يشكو من اعباء لا يستهان بها، ويمكن تعدادها على النحو الآتي:
– ان #القطاع العام بات يشكل، منذ سنوات، النسبة الكبرى من الدخل القومي، والادارات الحكومية سيئة التجهيز ولا تنتمي الى وسائل العمل الحديثة التي تستند الى برامج المعلوماتية.

– ان عدد موظفي الدولة بمن فيهم من يعملون بحسب عقود موقتة تتعدل لتصبح وكأنها عقود مهنية، يتجاوز الـ 350 الف موظف ورجل امن ومن عديد الجيش، وهذه النسبة توازي 25% من عدد السكان الأربعة ملايين الذين تراوح اعمارهم ما بين 21 و60 سنة.

– ان فعالية #القضاء ليست في المستوى المطلوب، لان وسائل العمل بدائية والعطل الصيفية للقضاة تؤخر التوصل الى احكام في وقت معقول. ومعلوم ان العدالة المتأخرة هي بالفعل ليست عدالة، وتؤخر نمو المجتمع على مختلف الصعد.

اما بعد، فنعود الى السؤال الاساسي: هل اصبحنا بلدًا لتهجير شبابه وخسارة طاقاتهم، ام ثمة امل في استعادة دينامية الحياة المشتركة والنابضة؟

اسوأ نتائج الاوضاع المتأزمة منذ عام 2019 وحتى نهاية الـ 2020، تتمثل بفقدان الثقة بالمصارف كمؤسسات لحفظ مدخرات اللبنانيين وتنميتها، وكذلك فقدان الثقة بممارسات المسؤولين.

لقد خسرت المصارف خلال سنة ما بين 2019 و2020 29 مليار دولار من الودائع، وهذا الامر غير مستغرب لان المصارف، ومن هم مسؤولون عن قراراتها الاساسية، مغيّبون عن المصلحة العامة وعن التزامهم المعنوي المحافظة على مدخرات المواطنين. عام 2008 فقد المودعون ثقتهم بالمصارف البريطانية، والسويسرية، والاميركية وسارعت الحكومات المعنية الى انقاذ الوضع النقدي، ومارست سياسات تشجيع على الثقة بالعملات المعنية والاستثمار في كل البلدان، وبلغت تكاليف انقاذ بعض الشركات ارقاما خيالية. فشركة التأمين الاميركية – المؤسَّسة في جزيرة برمودا تهربًا من الضرائب – احتاجت الى دعم على مستوى 180 مليار دولار، واكبر مصرف في بريطانيا تملّكته الدولة بتكريس 150 مليار دولار، ونحن في لبنان نحتاج اكثر ما نحتاج الى حكم يوحي الثقة، وكيف لنا ان نحصل على حكم كهذا ورئيس حكومة تصريف الاعمال اصر سابقًا على انه وضع برنامجًا لمعالجة 97% من التحديات التي تواجه لبنان، وهو لم يتمكن من حل ايّ مشكلة، سواء كانت كبيرة جداً، كما حال المصارف، او مفجعة وان تكن اقل كلفة كموارد الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، التي يُفترض ان ترعى حقوق نهاية الخدمة لاكثر من 200 ألف مضمون. وكل ما فعله رئيس الحكومة المكلفة شؤون ادارة الاوضاع العامة تصريحه بانه حينما تبلّغ بخطورة المتفجرات في المرفأ بادر الى إبلاغ الجهات المسؤولة كتابةً…فاين هو الاقناع بصورة الرجل؟

اكبر خطر يواجه لبنان ومستقبله هو اطالة فترة معالجة أوضاع الشأن العام من قبِل وزارة مهمتها التهيئة للحكومة العتيدة المرجو ان تكون من الاختصاصيين، ولا بد من اعطاء صورة عن 10 تحديات عسى ألا يكون لحكومة حسان دياب شأن في معالجتها.

اولاً: يجب المسارعة الى طلب معونة خاصة من صندوق النقد الدولي لمعالجة تأثيرات انتشار كورونا، وقد انشأ الصندوق آلية خاصة بذلك.

ثانيًا: يجب تأسيس شركة خارج لبنان تعمل على استيراد مشتقات النفط يكون رأس مالها في مستوى مليار دولار من اكبر خمس شركات توزيع عاملة في لبنان ومساهمة من الـIFC وتكليف هذه الوكالة للتنمية الاشراف على عمل الشركة، بحيث لا تعمل على تأمين اي مشتقات تتجاوز الحاجات اللبنانية، فنوفر سنويًا ما بين 2-3 مليارات دولار.

ثالثًا: علينا السعي لاقناع “بنك الصين” الذي هو اكبر بنك تجاري في العالم بإيداع ملياري دولار في بنوك موثوق بها في لبنان لتمويل مشترياته من الصين، والتي تبلغ حاليًا 1.5-1.6 مليار دولار. وحينئذٍ يمكن حض “البنك الصيني” على تملّك بنكين او ثلاثة من البنوك الكبيرة المتعثرة والقابلة للإحياء.

رابعًا: استنادًا الى تحقيق المنجزات الثلاثة السابقة، يمكن التوجه الى بنك قطر الوطني، الذي هو اكبر بنك عربي، باقتراح تعزيزه كتب اعتماد لمستوردات شركات موثوق بها على مستوى 3 مليارات دولار سنويًا.

خامسًا: مع حلول شهر شباط يجب ان نكون انجزنا اتفاقًا مع صندوق النقد الدولي يؤمّن للبنان 10 مليارات دولار يمكن ان يضاف اليها 3-4 مليارات من البنك الدولي لاعادة اعمار المنطقة المنكوبة وتأمين المياه النظيفة للعاصمة وضواحيها.

سادساً: اصحاب الودائع الذين لا يعرفون اليوم مصير ودائعهم ويعانون من سياسات تقرها المصارف من دون الرجوع اليهم، يجب ان يحصلوا من الدولة – المدين الرئيسي للبنوك – على ضمانة تساوي 60% من الودائع بالليرة اللبنانية، ودين الدولة يشكل 60% من الدين العام.

سابعًا: يجب تكليف شركة كهرباء فرنسا او شركة سيمنز الالمانية شؤون الكهرباء بصورة مطلقة. فأزمة توافر النقد الاجنبي نتجت من تصرفات المشرفين على وزارة الطاقة، خبيرًا بعد خبير، ويكفي لو اتيحت مراجعة نص رسالة الوزيرة السابقة ندى البستاني حول تحقيقات تسليم الفيول المغشوش، والتي على ما يبدو ان البحث قد طوي فيها.

ثامنًا: اذا ركزنا على تجهيز وزارة الاتصالات والشركات المولجة بخدمات الهاتف الخليوي والانترنت بفريق ينقص عن الفريق الحالي بـ 700 موظف، نستطيع في شهر حزيران المقبل تخصيص هذه الخدمات وتحصيل ما يوازي 6-7 مليارات دولار.

تاسعًا: تكليف الريجي، هذه الهيئة العامة الناجحة اقتصاديًا وتقنيًا، الاشراف على زراعة الحشيشة وقد اصبحت شرعية، والبحث عن سبل تصنيعها مع الشركات المختصة، وان فعلنا ذلك نستطيع ان نحصل على مشاركة بنسبة 40% في الريجي من احدى شركات التبغ الملحوظة، وهذا ما حصل في كندا.

عاشرًا: العمل على تأمين شروط توسيع المصفاتين القائمتين وتحديث ادوات الانتاج وطواقم العاملين، فنوفر عملاً لـ 600-700 لبناني ولبنانية ونصل الى خفض لتكاليف استحواذ المشتقات النفطية بـ 800-1000 مليون دولار.

يمكننا الامل في توافر الغاز بعد 7 سنوات اذا أحسنّا التفاوض، ونريد ان نذكر ان اتفاق التنقيب في الرقعة الرقم 9 هو بيد شركة روسية للحكومة الروسية تأثير على قراراتها، وقد اعلنت الشركة انها تستطيع البدء باعمال التنقيب من دون تحرش اسرائيلي.

الامل في المستقبل ليس معدومًا شرط ان يترسخ الحكم في ايدي لبنانيين مخلصين لبلدهم وسمعتهم بحيث تزول صورة الطامحين الى المنفعة على حساب الوطن.