الأسرة هي النواة التي تُبنى عليها الدول. وكلما تزعزعت أركان الأسر تهدمت لبنات بناء المجتمعات، وهذا أمر يؤذن بانهيار الحضارات، والأدلة على ذلك كثيرة، لكن أهم مؤشر في هذا الأمر هو تناقص عدد المواليد الجدد. وهذه ظاهرة سبقتنا فيها دول وأعلنت حالة الطوارئ الاجتماعية للتعامل مع هذه القضية. وفي زيارة لوزارة التربية في دولة متقدمة، سألت أحد المسؤولين عن القضية التي تؤرقه، فقال لي بصوت فيه حرقة، نحن سننقرض، فقلت له ما مؤشرات ذلك؟ أشار إلى جدول عنده بين لنا أنهم كوزارة للتربية استغنوا عن واحدة من كل أربع رياض أطفال خلال السنوات الماضية، بلغة أخرى خسرت تلك الدولة ربع المواليد الجدد.
ما الذي أوصل بعض الدول إلى هذا المستوي؟ الإجابة تتلخص في خلل أصاب الحياة الزوجية، وبدأ بسبب المبالغة في الحقوق والواجبات وتوزيع المهمات. كُلنا يدرك أن المرأة من الناحية الفسيولوجية والسيكولوجية والسسيولوجية مهيأة لأمور لا يستطيع الرجل القيام بها، فعندما تعتذر المرأة عن القيام بهذه المهام تنقرض الأسر. من الأمثلة على ذلك أن تقول الزوجة، مثلاً: «إن الذرية ليست أولوية، فمسيرتي المهنية أهم منهم»، هكذا خدعت المرأة، ومن هنا تبدأ القصة، المساواة بين الرجل والمرأة حق أريد به باطل. وتجاوز الحدود في ذلك، كان له انعكاساته وسلبياته. أرجو ألا يُفهم من كلامي أني ضد المرأة، لكني أتمنى لها الخير وللمجتمع التقدم. وهذا لا يتم إلا بأن يقوم كل إنسان بما هو مهيأ له.
ومن الظلم للمرأة أن نطالبها بما هو فوق طاقتها. أنا مع العدالة للمرأة، والتي في بعض الأوقات لا تقتضي مساواتها بالرجل في كل شيء.
انتظار الحب أو الشريك المناسب كان العامل الثاني في انهيار الأسر، وهذا الأمر في المجتمعات الأخرى قاد لإشباع الغريزة خارج إطار الزواج، ولذلك مظاهر كثيرة منها أن تعيش الفتاة مع من تحب دون زواج، علماً بأن المرأة هي المظلومة في هذا النسق من المجتمعات، فيتم الاتفاق على عدم الانجاب مع أول مشكلة تواجه الذكر يبحث عن عش جديد يأويه، ثم يطرح سؤال نفسه إنْ كانت الحياة بين الزوجين مجردة من الذرية، فلِمَ يتحمل الذكر متطلبات الحياة الزوجية، ولم لا يسعى لما يريد دون قيود؟
الموجه الثالثة وهي الأخطر التي مرت ببعض الدول هي تشريع الشذوذ، وقبول أن تكون الأسرة مكونة من نفس الجنس تحت مسميات متعددة، وتطورت، في بعض الدول، إلى تشريع القوانين التي تحفظ حقوق «المثلية»، وهذه الموجه هي الطوفان الذي تروّج له أجهزة الإعلام العالمية، فلا يكاد يخلو فيلم أو مسلسل من بطل يمثل الشواذ. إنها انتكاسة في الفطرة الإنسانية، إنْ لم تعالج المجتمعات هذه التحديات الثلاثة، نقول على البشرية.. السلام.