بعكس ما يعتقد معظم الناس؛ النصاب لا يكون كاذبا "100 %" ولا جاهلا "0 %".
المحتال "الذي يحترم مهنته" يملك خبرة واسعة في مجاله، ويخبرك دائما بحقائق صحيحة تستطيع التحقق منها بسهولة.
يدرك أن عملية الاحتيال المثالية يجب أن تتضمن معلومات صحيحة وأرقاما مثبتة "كأن يدعي استثمار أموالك في الأسهم الصينية بمتوسط ربح 30 %". وحين تبحث في "جوجل" ـ أو تسأل ابـن خالتك في البنك ـ تكتشف أن الأسهم الصينية ربحـت بالفعل 30 في المائة في العام الماضي، وهـكذا تميل لتصديق المحتال؛ ليس فقط تحت إغراء الربح الكبير، بـل لأنه قـدم عرضا يتضمن حقيقة صحيحة.. يغـيب عن بالك حينها أنه ليس مسؤولا عن ازدهار الشركات الصينية، وأن الشركات الصينية ستستمر بالازدهار حتى بعـد هـربه بالمال.
وإضافة إلى المصداقية "وخبرته في مجال عمله" هـناك عشر صفات أخرى تميز المحتال وتساعدك على التعرف عليه، بعضها يفضحه، وبعضها يمنحه مظهرا مقـنعا ـ يمنع تصوره كمحتال ماكر. أفضل طريقة للتعرف عليه هي أن تضع نفسك مكانه وتحـلل أسباب دخوله لمجال النصب والاحتيال. وحين وضعت نفسي "مكانه" اكتشفت عشر خصال لا يمكن تجاهلها في شخصيته هـي:
الذكاء والثـقة بالنفـس، والمعرفة الواسعة في مجال عمله "رغم عدم امتلاكه شهادة رسمية"، ورغبة قوية في الصعود بسبب نشأته في عائلة فقيرة أو بيئة مهمشة، ويوهمك بأهميته وعلاقاته الواسعة وامتلاكه صداقات نافـذة، ولبق في حديثه ويتودد إليك بطريقة لافتة وغير شائعة بين الناس، ويسعى إلى كسب ثقتك على مراحل حتى يحصل على الجائزة الكبرى، ويختار ضحاياه بعناية ويتوجه لمن يمرون بظروف مواتيـة، ويقـدم وعـودا لا يمكن التحقق من صحتها وينقلك دائما لمجالات لا تعرفها، وتتضمن قصصه مواقـف توحي بمثاليته وتدينه وعزوفه عن الحـرام، ولكنه يفقد أعصابه حـين تكـتشف كذبه ويصبح جـل هـمه تبرئة نفسه "بطريقة: كاد المريب أن يقول خذوني".
هذا من جانب، ومن جانب آخـر لا ننسى "سلوك الضحية" الذي يتحمل جزءا من نجاح المحـتال، فالمحتال ـ مهما بلغت مهارته ـ يصعب عليه خداع معظم الناس العاديين. ولهذا السبب يختار ضحـية قـابلة للخـداع أو تملك ظروفا مواتية "كصغر السن أو قسوة الظرف". وحين تضاف مهارة النصاب، إلى قابلية الضحية للـخداع، تكتمل عناصر الجريمة. ونتحدث نحن دون تعاطف عن سـذاجة المجني عليه.
الفكرة باختصار، لا تنخدع بالمصداقية والمظهـر والثقة بالنفس، لا تنخدع بجـمال الفكرة، وسلامة الأرقام، وشهادة من سبقك "بالاستلام". تجاهل المظاهر البشرية كافة، وتحقق من صحة التطبيق "أولا"، وقـانونية الفكرة "ثانيا"، وانتفاء مظاهر الاحتيال "ثالثا"، ووجـود كيان رسمي ومشاريع حقيقية "رابعا"، ثم ارفع يديك وقـل يا الله السلامة.