أرسل لي د. جاسر الحربش رئيس هيئة التراث بالمملكة العربية السعودية دراسة مهمة قامت بها الأثرية الراحلة أشواق بنت أحمد البلوي بعنوان «الدور الاقتصادي والسياسي لموانئ الجزيرة العربية ومصر على البحر الأحمر من القرن الثالث قبل الميلاد وحتى القرن الثالث الميلادي». وقد اعتمدت الباحثة التي حصلت على درجة الماجستير عن هذه الدراسة على المعطيات الأثرية كي تؤرخ تلك العلاقة التي تعود إلى نحو ثلاثة آلاف عام، أي عصر الدولة الحديثة في مصر؛ وهو العصر الذي شهد اتصال مصر بدول المنطقة ومنها السعودية، فقد عثر على اسم الملك رمسيس الثالث آخر ملوك مصر العظام بالسعودية. وقد عثرت مؤخراً بمنطقة سقارة التي أقوم بالحفر بها حالياً على فخار من سوريا وفلسطين وكريت كان مخصصاً للزيوت التي كانت تأتي من تلك المناطق. وكان التبادل التجاري بين مصر والجزيرة العربية في القرن الثالث قبل الميلاد قد استمر حتى العصر البطلمي. وكانت صناعة نسيج الكتان وبيع المر والعطور والبخور تأتي من الجزيرة العربية، حيث اعتمدت التجارة بين السعودية ومصر على الطرق البرية، بالإضافة إلى الموانئ المطلة على البحر الأحمر، حيث إن ذلك البحر هو الفاصل بين الجزيرة العربية ومصر.
وكانت مصر تقوم أيضاً بتصدير السلع التجارية إلى المملكة العربية السعودية من خلال موانئ البحر المتوسط، وتعتمد صادرات مصر في تلك الفترة على المواد الغذائية والزيوت والقمح والمشروبات، خصوصاً النبيذ، بالإضافة إلى المنسوجات والأقمشة وآلات الحفر اليدوية وكذلك أواني الشرب النحاسية والمصنوعات الزجاجية، بالإضافة إلى صادرات من مواد خام مثل الرصاص والنحاس والحديد والقصدير وبعض من العقاقير الطبية التي كانت تشتهر بها مصر آنذاك.
وقد شرحت لنا الراحلة أشواق أنواع السلع التي كانت تأتي إلى مصر من الجزيرة العربية، وهي إما سلع من إنتاج الجزيرة العربية نفسها أو أنها سلع مستوردة تمر على الجزيرة من مناطق أخرى، وكانت سلع الجزيرة العربية تتمثل في البخور والمر والعطور والبلسم، بالإضافة إلى الأحجار الكريمة واللؤلؤ والعقاقير المستخرجة من الصبار والأصباغ الحمراء. أما سلع المناطق الأخرى فكانت تأتي من الهند؛ ومنها الفلفل والمسك والأخشاب وكذلك سلع من شرق أفريقيا. تلك الدراسة أظهرت لنا قوة العلاقات التجارية بين السعودية ومصر منذ أكثر من ثلاثة آلاف عام.
- آخر تحديث :
التعليقات