عندما نتحدث عن المؤسسة التعليمية في المملكة، فنحن بالطبع لا نتحدث عن قطاع خدمي كأي وزارة تنظمها عدة إدارات ومئات الموظفين، بل الحديث هنا يتعلق بمؤسسة ضخمة تضم اليوم أكثر من ٦ ملايين طالب وطالبة، وأكثر من نصف مليون معلم ومعلمة، وأكثر من ٣٠ ألف مدرسة تندرج تحت إشراف ٤٢٠ مكتباً تعليمياً حول المملكة وآلاف الموظفين في هذه الإدارات والقطاعات التعليمية، ناهيكم عن التعليم الجامعي بكلياته المتعددة وكوادره التعليمية والطلبة المستفيدين منه، وما سبق هو مجرد إحصائية عابرة لحجم المسؤولية التي يضعها وزير التعليم وطاقمه نصب عينيه لكل مرحلة تنقلنا بها الوزارة من تطوير إلى تطوير أفضل وأشمل في المنظومة التعليمية والتي توجت هذا العام بمتغيرات غير مسبوقة على مستوى تحديث المناهج والتقويم الدراسي والفصول الثلاثة.

في لقاء ليس الأول من نوعه بين وزارة التعليم وكتاب الرأي والإعلاميين الأسبوع الماضي، أسهب وزير التعليم الدكتور حمد آل الشيخ في التعريف بمشروع تطوير المناهج والخطط الدراسية ذات الفصول الثلاثة المزمع العمل بها بداية العام الدراسي القادم، وجاء هذا اللقاء التعريفي بعد الإعلان مباشرة عن خطة هذا العام والتي تستهدف ما يتسق وإستراتيجية رؤية المملكة ٢٠٣٠ وما يحقق طموح القيادة وتوجهات الوطن لمستقبل يرتكز على ثلاثة محاور (وطن طموح، مجتمع حيوي، واقتصاد مزدهر).

وأكد معالي الوزير خلال اللقاء أن التطوير في التعليم ليس شكلياً، بل تطوير حقيقي وجوهري وعميق في ظل قيادة داعمة للتطوير، ورؤية طموحة نحو المستقبل، مشدداً على أن تلك المشروعات والخطط التطويرية في التعليم تعكس مدى كفاءة المنظومة التعليمية، وقدرتها على العمل كفريق واحد لإنجاز تلك المستهدفات، وتجاوز التحديات، والاستمرار في تعزيز الشراكة مع المجتمع ومؤسساته. ويساهم في إنجاز المرحلة الأولى من رحلة التطوير المستمرة لمنظومة التعليم بمخرجات تنافس كفاءة مخرجات الدول التي تميزت بكفاءة تعليمها وبراعة طلابها، وللحق فإن ما لمسته خلال هذا اللقاء أن رحلة التطوير مستمرة عاماً بعد عام ولن تتوقف في ظل هذا الطموح الكبير والمستهدفات العظيمة التي تم إطلاعنا عليها.

أثناء اللقاء بوزير التعليم ألقيت سؤلاً لطالما أقلقني واستنفد حيزاً كبيراً من كتاباتي وهو: إزاء هذه المشاريع المتتالية لتطوير التعليم، ما هي خططكم لمواجهة (المنهج الخفي) الذي لا يزال يتغلل في مؤسسات التعليم؟ فكان رد معاليه أن الهدف الأول هو (التحصين) من هذا المنهج، و(التنقيح) لكل الأفكار التي تم تمريرها تحت ذرائع دينية.

ونقد تلك الأفكار الضالة التي بني عليها بطريقة علمية من خلال تمكين الطالب من أدوات التفكير الناقد والتحليل الاستنباطي والاستقرائي، وأجزم أن لدى الوزير خططا أخرى لمواجهة هذا المنهج الضال الذي تسلل إلى مناهجنا من خلال كوادر إخوانية سرورية ساهمت في زرع أفكار كارثية نحاول اليوم تجاوزها بأدوات العصر والأفكار المضادة بالعقل والتحليل وتعزيز التفكير النقدي والإبداعي لدى الطالب، ولن يعجزك -عزيزي القارئ- التقصي عن هذه الثلل التي نعرفها من لحن القول والتباكي على مجدهم البائد ومحاولات تأجيج المجتمع على خطط التعليم وتشويهها.