استطاع الباحث السعودي الدكتور نايف بن علي القنور أن يقوم بدراسة مهمة للمناظر والرسومات الممثلة على الصخور، وأن يقدم لنا عدة معلومات مهمة عن الأوضاع الاقتصادية للمملكة العربية السعودية في عصر فجر التاريخ، ويقوم بنشرها في كتاب مهم نشرته هيئة التراث بالمملكة.
وقد وجد الباحث العديد من الرسومات التي تظهر نشاط الإنسان في ذلك العصر، حيث توصل البحث إلى أن الإنسان في العصر الحجري الحديث قد ركز نشاطه على الصيد واستغلال الصحراء والمرتفعات والسواحل. وقد عثر الأثريون على أدوات حجرية استخدمت في عمليات الصيد؛ مثل رؤوس السهام والرماح والحراب والمكاشط والمثاقب. وكذلك عثر أيضاً على عظام حيوانية مثل الأبقار والغزلان والغنم والماعز التي كان يتم اصطيادها، بالإضافة إلى استخدام الأقواس والسهام التي دلت عليها الرسوم الصخرية. كذلك عرفنا الصيد باستخدام الكلاب، وهي الطريقة التي كانت معروفة منذ فجر التاريخ وخاصة منذ العصر الحجري الحديث الذي يعود إلى حوالي 10 آلاف عام قبل الميلاد.
وقد عثر أيضاً على منظر يظهر فيه الصياد ممسكاً بقوس وسهم ويرافقه ثلاثة كلاب، اثنان منها خلفه والثالث أمامه. وصور الفنان هنا ديناميكية الحركة حيث يمثل الإنسان القديم تلك المناظر بطريقة توحي بتفاعل الصياد مع الكلاب ضمن المشهد العام، رغم عدم ظهور نوع الطريدة. وهناك أيضاً مناظر تظهر صيد الحمير عثر عليها في موقع جبة بحائل وتعود إلى العصرين البرونزي والحديدي، فنرى منظراً لصياد يمتطي جواده ويمسك برمح طويل في إحدى يديه والثانية تمسك بلجام الجواد وأمامه أنثى الحمار وصغيرها، وقد غرس الصياد مقدمة رمحه في مؤخرة الطريدة. ويعتقد أن عملية صيد الحمير قد تمت قبل أن يتم استئناسها، ومن أنواع الحمير المشهورة الحمير الوحشية. أما الخيول، فقد أثبتت دراسة الباحث أن الإنسان القديم قد عرف استئناسها بدليل امتطائه إياها، حيث تعد الخيول من أجمل الحيوانات وأهمها في مناظر التجمعات البشرية القديمة والحديثة. أما صيد الجمال فقد عرف منذ عصور فجر التاريخ، حيث إن الجمل من أهم الحيوانات في الجزيرة العربية التي ارتبطت بالإنسان العربي وظهرت في الرسوم الصخرية منذ العصر النحاسي، عندما غلب الجزيرة العربية المناخ الحار الجاف بعدما كان يسودها المناخ البارد المطير.
وهناك أيضاً مناظر ورسومات لصيد النعام الذي كان يعد من أكبر الطيور غير المستأنسة التي لا تطير، حيث عثر على العديد من رسومات منها خيّال يطارد النعام باستخدام رمح طويل. ثم عرف الإنسان نشاط الزراعة التي تعتبر أهم الموارد الاقتصادية في حياة الشعوب والتي عرفت في مطلع الألف السابعة قبل الميلاد، بالإضافة إلى الرعي، كذلك نجد الأهمية نفسها بالنسبة للتجارة والصناعة، حيث صناعة السيوف والرماح والقوس والسهم. وقد أظهرت الرسومات صناعة الملابس وأدوات الزينة، كما تم العثور على أدوات الصيد التي تشير الرسومات إلى استخدامها كما ذكر من قبل، والتي تعد من ركائز الاقتصاد في الجزيرة العربية خلال عصر فجر التاريخ.
التعليقات