استطاع د. نايف بن علي القنور أن يقدم لنا الرسوم الصخرية باعتبارها إبداعاً حضارياً وفنياً لحياة الإنسان في الجزيرة العربية، وهذا يظهر ثقافة الإنسان القديم في عصر ما قبل الإسلام والتي بدأ الباحثون الكشف عنها لأول مرة من خلال دراسات جادة سواء من قبل الأثريين السعوديين أو عن طريق البعثات الأجنبية التي تعمل في المملكة بالتعاون مع الأثريين السعوديين.
وقد توصل د. القنور إلى أن أهمية هذا البحث تكمن في عدة نقاط؛ منها معرفة الأوضاع الاجتماعية من خلال دراسة ثقافة هذا العصر ودراسة الأشكال الآدمية وأدوات الزينة، كما أن تلك الرسوم الصخرية لم تخضع لأي دراسات مهمة من قبل. واستطاع د. القنور أن يؤكد وجود تطور كبير في الجوانب الاجتماعية، خاصة أن تلك الرسوم الصخرية تصور مشاهد احتفالات جماعية وفردية، وكذلك تظهر أدوات الزينة التي كانت مستعملة وشائعة في تلك الفترة ومنها الأساور والقلائد.
هذه المنطقة التي تناولها البحث تشكل موقعاً استراتيجياً مهماً بين حضارات الشرق الأدنى القديم، وتظهر التعاون التجاري الذي كان يربط الجزيرة العربية بهذه الحضارات القديمة. وهذه الفترة المهمة في تاريخ شعوب العالم القديم شهدت التحول الواضح والمهم من القرية الزراعية المبكرة إلى الاستقرار في المدن الكبيرة. كما يظهر لنا أيضاً بداية معرفة الكتابة، بالإضافة إلى معرفة الكيانات السياسية والدينية. ولكن الباحث يؤكد استمرار ظاهرة الرعي التي تعتبر أيضاً أحد النشاطات الحضارية والاقتصادية المهمة. وتلك الظاهرة تميزت بها الجزيرة العربية خلال عصور ما قبل الإسلام.
كما أوضحت لنا الرسوم الصخرية أيضاً وضوح النشاط الاقتصادي مثل الزراعة والتجارة والصيد. وتكشف تلك الدراسة لنا ولأول مرة الحياة الاقتصادية من صناعة وتجارة، وتوصلنا إلى فهم أكبر حول طبيعة الحياة البشرية بالجزيرة العربية. إذ هناك أساليب فنية كثيرة استطاع كل إنسان عاش في هذا المكان خلال العصور السحيقة أن يبدع ويظهر لنا من خلالها أشكالاً مختلفة، بالإضافة إلى أن هذه الدراسة تمدنا بمعلومات عن الحياة الدينية ومدى صراع الإنسان القديم مع متغيرات بيئته الاجتماعية والمعيشية والتطورات الفكرية والثقافية المحلية والواردة.
- آخر تحديث :
التعليقات