«الكويت تعرض مشاريعها على شركات عالمية وعلى سبيل المثال لا الحصر شركات غوغل، أمازون، بوينغ، تسلا.. خلال زيارة رئيس الوزراء إلى نيويورك». انتهى

هذا هو الخبر المتداول قبل أيام في الصحافة والميديا، وسأفترض صحته على اعتبار أنه لم يتم نفيه أو إنكاره، وأيضاً سأشتبك مع هذا الأمر ومع سمو رئيس الوزراء بشيء من الواقع وعلى أكثر من جبهة، فبقدر سعادتنا بأن الحكومة بدأت تفكر خارج الصندوق لتبحث عن الفرص المتاحة في السوق العالمي، لكن علينا ألا ننسى ماذا لدينا داخل الصندوق حتى لا نفرط في التفاؤل، فالتفاؤل كما يقولون أحيانًا شكل من أشكال الغباء، فالسباحة عبر عالم الأحلام والخيال تختلف عن السباحة على شواطئ السالمية وبنيدر، وقبلها يجب أن تكون ماهراً في السباحة والسياسة أيضاً، حتى لا تغرق في شبر ماء، والسؤال الذي يتبادر إلى الذهن ماذا لدينا لكي نقدمه لتلك الشركات العالمية حتى تتسلح بالشجاعة وتخاطر وتأتي لتفتح مكاتبها وأفرعها في الكويت؟ وهل لدينا البيئة القانونية والثقافية والاجتماعية والفكر الاقتصادي الحر حتى يتم إغراء بوينغ وأمازون مثلاً للحضور عندنا؟ وهل باستطاعة حكومة صباح الخالد أن تحمي وتدافع عن تلك الشركات من قوى الظلام وشيوخ الحسبة وبعدهم نواب الكراسي الموسيقية؟!

أتساءل ببراءة يا سمو الرئيس كيف سترد على تساؤلات المديرين التنفيذيين لتلك الشركات عن سبب قيامك وأعضاء الحكومة بالموافقة على إقرار ميزانية الدولة عند باب قاعة البرلمان، وبماذا ستجاوب عن تهديد أحد أعضاء الإسلام السياسي لوزير التجارة بسبب وضع تمثال في محل لأشهر الماركات العالمية، واستجابة وزيرك وخضوعه للتهديد وتطبيق أوامر النائب وشروطه؟!

هذا من جهة، ومن جهة أخرى هل تعلم يا سمو الرئيس ما الذي حصل سابقاً وماهي السمعة المتداولة عن الكويت في دنيا المال والأعمال؟، وسأعطيك بعض الأمثلة حتى تكون على بصر وبصيرة، فقطعاً تعلم جيداً ماذا حصل في قضية «الداو» الكبرى، وهل سمعت طال عمرك ماذا جرى في عقد مستشفى جون هوبكنز العالمي، أو عقد جامعة ميغيل الكندي مع وزارة الصحة ولماذا طفشت تلك المؤسسات الكبرى من الكويت، وذهبت للتعاقد ولاتزال تعمل بالشراكة مع جيراننا وعليهم بالعافية اللهم لاحسد؟!، إن كنت لا تعلم فتلك مصيبة وإن كنت تعلم فيجب تلافي الأخطاء القاتلة، ولا تعود من نيويورك مكسور الوجدان وتعلم بعد رحيل العمر أنك كنت تطارد خيط دخان، على رأي نزار شاعر الحب والحرب!

سمو الرئيس.. يقول أحد الحكماء: إن الشعوب التي تفشل في تشخيص أمراضها بشجاعة تموت نتيجة تناول الدواء الخطأ، لذا يجب أن تسأل نفسك قبل أن تخلد إلى النوم لأن المرء في هذا الوقت يكون أكثر صدقاً مع النفس والوجدان، لماذا نجحت الشركات العالمية في العمل مع غيرنا وفشلت عندنا، وماهي الأسباب والعوامل التي حالت دون ذلك، فالأمور لاتجري ولاتسير بالأماني والخواطر، والورود لن تخرج من الأرض إلا إذا زرعتها، وعلى العموم رافقتك السلامة ونتمنى أن تعود سالماً ومحملاً بالمشاريع الحقيقية، بعيداً عن الأحلام والكوابيس ولأننا نتمنى ألا تختلف حسابات البيدر عن حسابات الحقل.