رغم شعورها بالقلق الدائم وتحفزها باستمرار للهجوم، ما يعكس طبيعة حادة، إلا أنها لم تعبر أبدًا عن قلقها وأصابع الاتهام توجه إلى ابنها بتورطه في قضايا فساد.

وعلى العكس من ذلك فقلقها حاضر باستمرار في كل شاردة أو واردة تتعلق بمنطقتنا الخليجية إلى الدرجة التي تنسى فيها بيلوسي نفسها فتدس أنفها مرارًا في قضايا داخلية خاصة لا تستوجب تدخلها ولا تستدعي قلقها بهذه الشكل المبالغ فيه والمفتعل في كل قضية تخص منطقتنا، ما يثير أكثر من علامة استفهام ويطرح أكثر من سؤال عن سبب انحيازها ضدنا بهذا الشكل المعلن مرات عديدة بتهور لا يليق بمن يحتل منصبًا كبيرًا كمنصبها «رئيسة مجلس النواب الأمريكي»، فهي تتحول إلى يسارية متطرفة وداعية شعبوية تكاد تقود ضدنا أو تنظيم مظاهرات تحتج علينا.

بطبيعة الحال بيلوسي ليس لديها سوى الورقة المعطوبة في لعبة الابتزاز السياسي وهي ورقة ما يسمى بحقوق الإنسان، وهي «حقوق» يتم الكيل فيها وفق الأهواء السياسية والميول الشخصية.

قطعاً لا أحد يجادل في عصبية نانسي وربما في نزقها لاسيما حين نستحضر صورتها وهي تمزق خطاب الرئيس الأمريكي السابق ترامب من فوق منصة مجلس النواب.

وتتداعى صور ومشاهد عصبيتها ونزقها ونحن نستحضر صورها وهي تلوح بسيف من خشب من فوق كل المنصات وعبر المحطات في قضية وفاة المرحوم جمال خاشقجي ولا يمكن أن يبارح الذاكرة الخليجية تهديداتها يومها، وكأنها كانت تبحث عن جنازة لتلطم فيها على مواطن سعودي بلاده أحق بقضيته.

وها هي اليوم تدخل من نافذة السدحان وهو مواطن سعودي ضرب بقوانين بلاده عرض الحائط وعرض الأمن الوطني للتشويه والدس والتلبيس فخضع حسب أنظمة بلاده للمحاكمة، فأبت إلا وأن تنتهز من هذه القضية «مناسبة» لتمارس هوايتها في الوقوف ضد المنطقة فتنهال تصريحاتها عبر جميع وسائل الإعلام الأمريكية والأوروبية، متناسية بشكل مقصود صمتها المريب حول وقائع وتفاصيل انسحاب قوات بلادها من أفغانستان وما رافقه وتزامن معه وسببه من كوارث مأساوية يندى لها جبين حقوق الإنسان في كل مكان، فلم تنبس نانسي ببنت شفة وظلت تتربص بمنطقتنا مسائل صغيرة لتنفخ فيها وتجعل منها قضية الساعة.

نفهم إملاءات الإيديولوجية اليسارية الأمريكية في تطرفها ضد منطقتنا لكننا بالقطع لن نفهم الفجور في الخصومة بل الفجور في الاختلاف بهذا المستوى من التهور والانفلات والتسرع الذي كثيرًا ما عاد عليها بالخيبة فيما خططت له وتوقعته دون أن تلاحظ أن إدارة المصالح والعلاقات الدولية لا تحكمها هكذا أساليب طيش ولا تتحكم فيها أهواء «ربعها» الطارئين على السياسة الدولية مثل الهان عمر وهي تتمادى في تحديات الصغار فيكشف الإعلام الأمريكي نفسه سقطات لها لسنا في وارد ذكرها وتعدادها هنا.

كان الأجدر بالسيدة نانسي بيلوسي ألا تنساق في نزق الصغار الطارئين وتحسب حسابًا لمنصبها وموقعها الرسمي فتتروى قليلاً وتهدأ كثيرًا قبل الإفراط في تصريحات تنال من منطقتنا دون وجه حق ودون تحقق ومتابعة ورصد يفرضها عليها منصبها ومكانتها السياسية التي اهتزت كثيرًا من تهورها ومواقفها التي يمليها عليها انحيازها الفاقع.

نانسي بيلوسي تخلط بين الموقف السياسي لرئيس مجلس النواب الأمريكي بكل ما يتطلبه موقف الرئيس للمجلس وبين المقال الصحافي الذي يبحث عن الإثارة بافتعال فقاعات فارغة واستخدام أسلوب الفرقعات.

وبيلوسي وقعت في محظور تصريحات الفرقعات الإعلامية وافتعال الضجة في كل ما يتعلق بمنطقتنا مقابل الصمت المطبق في كل ما يتعلق بسياسة حزبها الحاكم ومسلكياته وافعاله.

بيلوسي ستظل تطلق رصاصاتها الطائشة في كل صوب دون أن تصيب هدفها البعيد المنال عن هكذا تهور.