كلّف الرئيس التونسي وبعد طول انتظارٍ وترقب السيدة نجلاء بودن رمضان برئاسة الحكومة وتشكيلها في سابقةٍ عربية لتكون السيدة نجلاء أول رئيسة وزراء في عالمنا العربي ولتسجل اسمها حتى بالتكليف بالريادة كامرأة.

ومع التكليف تداعت ذاكرة جيلنا المخضرم واستعانت بالبحث في المصادر عن المرأة في المشاهد الوزارية ومناصبها الحكومية الأبرز، فاستذكرنا اسم نزيهة الدليمي وبحثنا عن سنة تعيينها كوزيرة في حكومة العراق إبان حكم عبدالكريم قاسم وبعد ما عرف بثورة 14 تموز عام 1958م وبذلك كانت الناشطة وعضو الحزب الشيوعي العراقي آنذاك أول امرأة تتسلم الوزارة ليس في العراق ولكن في الوطن العربي، وهي من مواليد بغداد عام 1923 وشغلت منصب وزير البلديات.

لكنها لم تستمر في الوزارة إلا بضع سنوات، حيث أطيح بحكم عبدالكريم قاسم عام 1963 «فبراير» واقتيدت من كرسي الوزارة إلى السجن لتواجه حكمًا بالإعدام تم تخفيضه إلى المؤبد مع الأشغال الشاقة.

وهكذا هو تقلب الأيام والأعوام، فنزيهة التي هتف أنصار الشيوعيين العراقيين بعد استلامها المنصب الوزاري «نزيهة صارت بالحكم» وهي نزيهة نفسها التي هتف البعثيون بعد سجنها «نزيهة صارت بالسجن» في تبادل شعاراتٍ كيديةٍ بين الحزبين وتلك «حكمة» الأحزاب في الصراع السياسي!!.

ومن أول امرأة عربية تصل بالانتخاب إلى البرلمان تختلف المصادر حولها فبعضها «المصادر» يذكر اسم السيدة راوية عطية التي انتخبت عام 1957م بعد سيرة من العطاء الاجتماعي والسياسي الكبير فيما تذكر مصادر أخرى أن السيدة فاطمة ابراهيم من السودان وعضو الحزب الشيوعي السوداني كانت هي أول امرأة تنتخب لعضوية البرلمان عام 1956م.

أما أول امرأة عربية تتولى رئاسة البرلمان فهي السيدة الإماراتية الأستاذة أمل عبدالله جمعة القبيسي التي انتخبت لمنصبها عام 2015 لتسجل ريادة لها وللمرأة الإماراتية بشكل عام وفي البحرين أول امرأة تصل إلى قبة البرلمان هي السيدة لطيفة القعود التي فازت بالمقعد في انتخابات عام 2002.

وسوف نلاحظ إن فوز امرأة بحرينية بمقعدٍ في البرلمان جاء مع انتخابات في عهد صاحب الجلالة الملك المفدى وبعد تدشين مشروع الإصلاح الكبير، فالمرأة البحرينية لم تحصل في انتخابات عام 1973 حتى على حق الانتخاب حين وقفت ضد ذلك الاقتراح «الكتلة الدينية» كانت تسمى بقيادة عيسى قاسم وعبدالأمير الجمري، وبعد ذلك طالبت الكتلة بمنع الاختلاط في التعليم ما بعد الثانوي ولكن اقتراحهما سقط بالإجماع.

وفي عودة إلى تكليف نجلاء بودن رمضان برئاسة الحكومة بتونس، فإن أغلب المعلقين السياسيين قالوا وكتبوا ما معناه «ليست محسودة» على التكليف وعلى المنصب، فالحالة التونسية كما لا يخفى على الجميع تمر بمخاضات وتقلبات سياسية صعبة بل شديدة الصعوبة والوعورة كما وتمر بمشاكل اقتصادية كبيرة وملفاتها الاجتماعية عالقة منذ فترة ليست بالقصيرة ناهيك عن ملفاتٍ أخرى أكبر.

أحد المعلقين التونسيين كتب «أيًا كانت نتائج تجربتها في قيادة ورئاسة الحكومة فالسيدة نجلاء شجاعة كونها قبلت التكليف في هذه الظروف التي يهرب منها الرجل والعتاة السياسيون»، فيما بدا المشهد التونسي العام مرحبًا بتكليفها على الأقل هذا ما تابعناه في تغطيات بعض الفضائيات العربية والأجنبية لآراء المواطنين التونسيين بعد تكليفها بالمهمة الأصعب في حياتها وسيرتها كما قال مراسل عربي من تونس العاصمة.

وكما ذكرنا «عمودنا» اليوم إطلالة بانورامية سريعة أملاها علينا تكليف السيدة نجلاء بودن رمضان برئاسة وتشكيل الحكومة التونسية بعد طول ترقبٍ وانتظار.