في نهاية الأسبوع الماضي، استقرت أسعار النفط الخام بشكل متباين، حيث أدى تقرير الوظائف الأمريكية الذي جاء أضعف من المتوقع، وانتشار متحور فيروس كورونا أوميكرون بسرعة، إلى زيادة عدم اليقين في توقعات الطلب. في نهاية تعاملات الأسبوع الماضي استقر خام غرب تكساس الوسيط في بورصة نيويورك لشهر كانون الثاني (يناير) عند 66.26 دولار للبرميل، واستقر خام برنت لشهر شباط (فبراير) عند 69.88 دولار للبرميل.

لكن تحالف "أوبك +" تمكن من تحقيق الاستقرار في أسعار النفط بعد أسبوع شهد كثيرا من التقلبات، حيث أضافت المجموعة كثيرا من المحاذير إلى قرارها بالتمسك بخطتها فيما يتعلق بزيادة إنتاج النفط.

قررت "أوبك +" المضي قدما في زيادة الإنتاج المخطط لها البالغة 400 ألف برميل يوميا لشهر كانون الثاني (يناير)، متمسكة بخطتها لتخفيف قيود الإنتاج بشكل مطرد في الوقت الحالي. كانت هناك تكهنات على نطاق واسع بأن المجموعة قد توقف زيادات العرض وسط مخاوف بشأن تأثير متحور أوميكرون على الطلب، والعرض الإضافي الذي يتم جلبه إلى السوق من خلال قيام الولايات المتحدة وبعض الدول المستهلكة الأخرى باستخدام احتياطيات النفط الاستراتيجية SPR.

لكن، رغم تراجع أسعار النفط مباشرة بعد هذا القرار، إلا أن التفاصيل اللاحقة حول التحذيرات قد هدأت مخاوف السوق من تجاهل "أوبك +" مخاطر أوميكرون. أولا، تعهدت المجموعة بالانعقاد بسرعة إذا تغيرت ظروف السوق. ثانيا، ستقوم الدول التي تجاوزت حتى الآن حصصها الإنتاجية بتحديد سقف لأهداف إنتاجها المقبل من أجل موازنة أرقامها السنوية. لقد ساعدت هذه المحاذير على استقرار أسعار النفط في نهاية الأسبوع الماضي.

في ضوء هذا القرار توقع كومرتس بنك Commerzbank زيادة المعروض في السوق بنحو ثلاثة ملايين برميل في اليوم في بداية عام 2022. كما أن الولايات المتحدة أكدت خطتها للمضي قدما بإطلاق 50 مليون برميل من احتياطي البترول الاستراتيجي. لكن قرار "أوبك +" المتضمن تحذيرا بإعادة النظر في زيادة الإنتاج في وقت قصير في حالة حدوث تغيير في ظروف السوق، قد وفر أرضية للأسعار.

بالفعل نظرا لعدم اليقين الكبير في الطلب على النفط، لقد كانت ضربة معلم من قبل "أوبك +" الإبقاء على اجتماعها بحالة انعقاد وترك الباب مفتوحا لأي احتمال حتى الاجتماع التالي المقرر في الرابع من كانون الثاني (يناير) 2022، وهو ما ساعد أيضا على استقرار أسعار النفط وعدم تراجعها بصورة كبيرة. قابل هذا التحوط من قبل "أوبك +" الأخبار الإيجابية من شركات الأدوية التي غطت على أخبار إضافة الإمدادات.

مع ذلك، قرار "أوبك +" بزيادة الإنتاج في كانون الثاني (يناير) 2022 يهدد بترك سوق النفط في حالة فائض في المعروض، حتى إذا لم تكن هناك تداعيات من المتحور أوميكرون واستمرار استهلاك النفط في الصعود الثابت. نظرا لأنه من السابق لأوانه استخلاص أي استنتاجات قوية بشأن تهديد هذا المتحور الجديد. إذ يبدو أن السوق تميل نحو الجانب الإيجابي. مع ذلك، الأمر الأكثر تأكيدا هو أن تقلبات الأسعار ستظل مرتفعة على الأرجح.

إضافة إلى ذلك، لا يزال هناك عديد من التطورات في جانب العرض والطلب قبل نهاية هذا العام تستدعي اهتماما شديدا من قبل السوق. من هذه التطورات: بقاء الخلاف بين منتجي النفط والمستهلكين دون حل، التوقعات الإيجابية بشأن الأدوية المضادة للفيروسات، وتخوف الحكومات من الإغلاق واتخاذ قرارات صعبة بشأن قيود التنقل قبل عيد الميلاد.

بالنظر إلى ميزان العرض والطلب، فإن تحرك تحالف "أوبك +" لزيادة الإمدادات إلى 38.4 مليون برميل يوميا في كانون الأول (ديسمبر) 2021 ثم إلى 38.8 مليون برميل يوميا بحلول كانون الثاني (يناير) 2022 سيترك السوق في حالة فائض في العرض، بما لا يقل عن 700 ألف برميل يوميا من إجمالي الإمدادات؛ ما يعني ضمنا بناء المخزون. وإذا أخذنا في الحسبان سيناريو إغلاق شديدا بسبب متحور أوميكرون، فإن ميزان العرض والطلب في كانون الثاني (يناير) سيبدو أسوأ بشكل كبير.

بقرارها الأخير، اشترت "أوبك +" لنفسها بعض الوقت؛ ما يعكس قرارها في اجتماع كانون الأول (ديسمبر) 2020 بالبقاء على المسار بعد هبوط أسعار خام برنت قرب 60 دولارا للبرميل. السؤال الآن هو: ماذا ستفعل "أوبك +" في اجتماع 4 كانون الثاني (يناير)؟ لدى التحالف مجموعة متنوعة من الخيارات، بدءا من التخفيض الشامل للمستويات المستهدفة لكل بلد على حدة لمطابقة توقعات الإنتاج الواقعية بشكل أفضل، إلى خفض رقم الإنتاج النهائي المستهدف البالغ 42 مليون برميل يوميا لشهر أيلول (سبتمبر) 2022.

في اجتماع المجموعة الأخير اتفق كل من المملكة وروسيا على التقليل من مخاطر المتحور أوميكرون على الطلب على النفط. لكن هناك بعض الجهات الفاعلة التي تأخذ هذا المتحور على محمل الجد، مثل أوروبا، التي بدأت تتخذ خطوات متسرعة نحو القيود، منذ ظهور الأخبار الجديدة في 26 تشرين الثاني (نوفمبر) 2021، والآن في بعض الحالات، عمليات الإغلاق.

إجمالا، لا يزال هناك كثير من عدم اليقين على المدى القريب فيما يتعلق باتجاه أسعار النفط، ونتيجة لذلك، من المرجح أن تظل أسواق النفط متقلبة. ستعتمد التوقعات قصيرة المدى على كيفية تفاعل الحكومات في الأسابيع المقبلة مع متحور أوميكرون. ويبقى أيضا أن نرى كيف ستتكشف بمرور الوقت عواقب الإفراج عن احتياطي البترول الاستراتيجي، خصوصا على خلفية قرار "أوبك +" الأخير ومستويات المخزون. ستثبت مستويات المخزون المنخفضة تاريخيا المسجلة حاليا أنها حافز لتحديات العرض الأساسية في المستقبل في حالة استمرار ذلك. على المدى القصير، لا يزال الوباء يشكل تهديدا خطيرا للطلب على النفط. إضافة إلى ذلك، هناك تطورات أخرى قد تشكل تهديدا لأسواق النفط عام 2022، منها احتمال تجدد الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين، ارتفاع سعر صرف الدولار مقابل العملات الأخرى، وزيادة معدلات التضخم مع رفع أسعار الفائدة.