ما تميز به جبران أنه ارتكز إلى ثلاثة محاور في شعره ونثره ورسمه، هي العدالة والخير والحرية

َسَكَنَ الليلْ وفي ثوب السكونْ.. تَخْتَبِي الأحلامْ
وَسَعَى البدرْ وللبدرِ عُيُونْ.. تَرْصُدُ الأيامْ

كتبها جبران ولحنها محمد عبدالوهاب وغنتها فيروز بعد 45 سنة من وفاة كاتبها.

جبران خليل جبران ( 1883- 1931) خرج من لبنان ولم يخرج لبنان منه، غادر الشرق ولم يهجره، وفي أقصى بلاد الغرب في أمريكا يستحضر نسمة الريحان وكروم العنب، ليحيى لهفة العاشق لحبيبته ابنة الحقل التي تخاف أن تكشف النجوم سر حبهما.

جبران يطمئن نفوس قارئيه، ويرى بأن الابتسامة هي سفينة نعبر بها الأحزان ويقول: «ابتسم فلن يتغير العالم بحزنك».

جبران يدفعنا إلى اكتشاف أبعاد جديدة لذاتنا ليتسع إدراكنا لما حولنا، «ربما تقودك فرصة لم تفكر بها إلى واقع لم تفكر فيه».

فلسفة جبران تشرّع الحزن والبكاء كمرحلة نمر بها فتجعلنا أقوياء، «قد تحزن وهذا حقك.. قد تبكي وهذا حقك.. ولكن إياك إياك أن تنكسر».

للسعادة وجوه كثيرة، أما تعريف جبران لها: «قد تكون سعادتنا في التخلي عن المزيد وليس الحصول على المزيد».

والحب عند جبران واضح المعالم بسيط لا يقبل التعقيد: «هناك نظرة تختصر الحياة.. وصوت يختصر المسافة.. وشخص يختصر الجميع».

العبادة عند جبران هي ما تقدمه لغيرك ويخطئ من ظن عكس ذلك: «من بديهيات الخطأ الديني أن يكون وجهك إلى الله وظهرك للجياع».

يقول جبران علينا أن نتكلم فقط لنجعل العالم أجمل: «إن لم تستطع النطق بما هو جميل فصمتك أجمل».

كتب جبران بالعربية والانجليزية فوصل إلى قلوب العالم بصوته مباشرة، والسهل الممتنع الذي تميز به جبران أنه ارتكز إلى ثلاثة محاور في شعره ونثره ورسمه هي العدالة والخير والحرية.

اختير رئيساً للرابطة الأمريكية المجددة في نيويورك سنة 1920. تعرفه الولايات المتحدة كلها ومن خلالها العالم كشاعر ومفكر إنساني، افتخر بموروثه العربي، وعمل على نشر التسامح، وكرّس المحاولات الإنسانية لتحسين العلاقات الاجتماعية وترسيخ قيمة الفرد.

في سنة 1926 كتب جبران رسالة موجهة إلى الشباب العربي يقول فيها: «أن تقف أمام أبراج نيويورك وواشنطن وشيكاغو وسان فرانسيسكو وتقول في قلبك: لن أنسى أنا ابن مَنْ في دمشق وبعلبك وصور وصيدا، وأنا اليوم هنا بارادتي لأشارك في البناء.

اليوم في دار الحكمة بالشارقة يقام معرض«إطلالة الروح لجبران خليل جبران»، ويشكّل المعرض فرصة نادرة للتعرّف إلى مجموعة واسعة تضمّ 34 عملاً فنياً أصيلاً، وتشتمل على لوحات فنية رسمت بالألوان الزيتية، وأخرى بالفحم، ومنها 15 لوحة تعرض لأول مرّة.

بالإضافة إلى ذلك، تعرض المقتنيات الخاصة لجبران، الذي تضم ألوانه المائية، ومسنداً للرسم، إلى جانب دفاتر مخطوطة بيده، بما في ذلك المسودات لأبرز أعمال جبران، وكتاب «النبي»، الذي يعتبر أكبر دليل على المنجز الفكري والفلسفي الذي حققه الأديب وتجاوز فيه حواجز اللغة والثقافة، والذي ترجم إلى أكثر من 100 لغة.

الهدف من المعرض الذي يستمر حتى 6 يناير/كانون الثاني 2022 هو تسليط الضوء على إرث ومنجزات جبران خليل جبران وحياته التي شكلت تجربة خاصة، والتعريف بمشروعه الجمالي الأدبي والفنّي.