جاءت فكرة الحوار الوطني برغبة سامية وكريمة من والد الجميع صاحب السمو أمير البلاد - حفظه الله - حيث وجه سموه السادة رؤساء السلطات الثلاث لإعداد مشروع العفو عن المحكومين، وقد صدر بالفعل عفو كريم عن بعض المدانين بجرائم وأحكام جزائية نهائية وباتة، وبقضايا «أمن دولة»، وما زالت اللجنة تمارس أعمالها لاستكمال باقي المواضيع المطروحة على أجندتها. ويجب هنا التذكير بأن العفو كان نابعاً منذ البدء في فكرته وجوهره تحت عنوان وشعار «المصالحة الوطنية»، وفتح صفحة جديدة ومفصلية في تاريخ الكويت السياسي مع الكل والجميع من دون استثناء، والسؤال الذي يتبادر إلى الذهن لماذا لا تكون عودة «نادي الاستقلال» من ضمن المواضيع المطروحة على أجندة السادة رؤساء السلطات؟ فالحقوق السياسية لا تسقط بالتقادم أو بمضي المدة، لا سيما أن النادي لم يتم إغلاقه بقرار إداري، لكن كان ذلك بقرار سياسي عبر التحالف مع المجاميع الدينية، مما أثر على الدستور وقضية الحريات العامة، ولم يرتكب النادي أو القائمون عليه أية جريمة جزائية، ولم تصدر في حق أي منهم أية أحكام أو عقوبات قضائية، وكان الإغلاق تحت قول وزعم أن النادي قد خالف القانون بتدخله بالعمل السياسي، بالرغم من أن عشرات جمعيات النفع العام «السياسية» ارتكبت وما زالت ترتكب العشرات من المخالفات - وهذا ليس موضوعنا لربما نعود إليه لاحقاً - وبالمناسبة نادي الاستقلال لن ينساه الزمن ولمن لا يعلم هو إحدى الركائز المهمة في العمل السياسي والديموقراطي، وكان مركزاً لجميع القوى الوطنية والتقدمية وجبهة لجميع المستنيرين والمثقفين والمفكرين، ومن مختلف الشرائح والمكونات والفئات الاجتماعية من «حضر وقبائل وشيعة وسنة» ومن دون تمييز.

قصارى القول.. وهذه مناشدة والتماس لمن يهمه الأمر، فلا يزال في الوقت متسع وطاولة الحوار تتسع للعفو والتسامح ولإضافة بعض الملفات، وبما أننا تصالحنا وفتحنا صفحة جديدة وعفونا عن الشخصيات السياسية التي ارتكبت جرائم ثابتة بحق الوطن وأمنه ومؤسساته، فلماذا لا تكون عودة نادي الاستقلال من ضمن جملة القضايا التي تم العفو عنها؟! وفي ظني أن الساحة السياسية الكويتية اليوم أحوج ما تكون إلى استعادة التوازن الوطني الذي اختلت أركانه ومعاييره، فما يجري من تشتت وتشرذم وفوضى عارمة بين جميع المكونات والأطياف، وما يحدث في جامعة الكويت تحديداً بين الطلبة (عماد المستقبل) كانت فيها القبيلة حاضرة بامتياز، هو نتيجة طبيعية لغياب وضعف التيارات الوطنية الثقافية والفكرية، وللأسف وفي ظل هذا الغياب المتعمد والممنهج من الحكومة انتشرت بعض الأمراض الاجتماعية، حيث عاد البعض للجوء إلى حماية طائفته وقبيلته وعائلته والحكومة تتفرج وكأن الأمر لا يعنيها في شيء!