تلعب التقنيات الرقمية دورا أساسيا لجميع الشركات في العالم، حيث تسمح البيانات والمعلومات الرقمية بتنبؤات واتخاذ قرارات أفضل. بينما تقوم الأتمتة على إنشاء أنظمة تعمل بشكل مستقل وتنظم نفسها وتحد من الأخطاء وتتصرف بشكل أسرع وتكاليف تشغيلية أقل، كما أنها تتيح الاتصال بالشبكات تزامنا مع سلاسل اللوجستيات وتقصير أوقات التسليم ودورات الابتكار. وبلا شك فإن الوصول الرقمي للعملاء يظل ركيزة أساسية من خلال الوصول إليهم بشفافية كاملة وتقديم خدمات جديدة.
فقد تحدثنا في مقالات سابقة عن بزوغ صناعة الطاقة المتجددة منذ القرن الماضي وسطوعها بقوة خلال العشرة أعوام الماضية، وأضحت حديث الساعة في العالم من خلال المشاريع العملاقة على شبكات النقل والتوزيع، أو المشاريع الصغيرة على أسطح المنازل والمتاجر وغيرهما.
ولقد دخل التحول الرقمي من أوسع أبواب صناعة الطاقة المتجددة، وسنرى معالم التأثير والنتائج في الممارسات العالمية. لكن تواجه الشركات في صناعة الطاقة المتجددة تحديات قد تعيق نموها، ومنها تشتت بيانات الطاقة جغرافيا وبالتالي ضياع فرصة استغلالها بطريقة مجدية، وكذلك عدم وجود نظام بيانات متكامل، ما يمنع الجهات العاملة في الصناعة من اتخاذ قرارات واضحة ويترك البيانات معزولة وغير مؤكدة في السوق. ومن التحديات أيضا عدم القدرة على تتبع الأصول، حيث يعد التتبع ضروريا لتحسين إمدادات الطاقة المتجددة، ومنها معاناة بعض الشركات من عدم وجود أهداف واضحة يمكن تتبعها بسبب عدم وجود خريطة طريق نحو اعتماد تقنيات جديدة وخطة عمل قد تعيق التقدم نحو الكفاءة عموما. ورغم كل ما ذكر تظهر تقنيات التحول الرقمي القدرة على معالجة هذه التحديات وتجاوزها.
على سبيل المثال، تساعد أدوات ومنصات الرقمنة على بناء محطات طاقة متجددة بعمليات مؤتمتة لاتخاذ قرارات صحيحة مثل التحكم في الطاقة الكهروضوئية ومزارع الرياح عن بعد. إضافة إلى عمل الرقمنة على تقليل وقت التوقف عن العمل وتقديم تنبيهات تستند إلى الصيانة التنبؤية وتوقع صيانة الأصول.
وتسمح الرقمنة بتوقع أكثر دقة للطقس وظروف آلية السوق، ما يساعد على تعظيم الإنتاج وتقديم تحليل عميق لجميع المعلومات الواردة في الوقت الفعلي، ويساعد الذكاء الاصطناعي وتعلم الآلة في تحسين هندسة وبناء مصادر جديدة. أما على صعيد الشركة العاملة في صناعة الطاقة المتجددة، فإن استخدام الأدوات الرقمية سيسمح بزيادة إنتاجية الموظفين، ما يجعل الصيانة أكثر كفاءة وأقل تكلفة. إن تأثير التحول الرقمي لا يقتصر على عمليات الإنتاج والصيانة فحسب، بل سيؤثر في العلاقات مع العملاء.
فقد تغيرت طريقة العميل في التواصل مع الشركات في صناعة الطاقة المتجددة، ولذلك نجد الشركات العاملة قد اقتحمت التواصل الاجتماعي بشكل أكبر للقدرة على التواصل ومعرفة احتياجات العميل. وفي الوضع الحالي يتم تصميم محطات الطاقة الجديدة رقميا، ما يضمن كفاءة خدماتها وتوافرها العالي، وقد تستخدم تقنية التوأمة الرقمية Digital twin في المساعدة بالنمذجة والتنبؤ واختبار الأداء الأمثل، سواء لقطاع التوليد والنقل والتوزيع وصولا إلى العملاء. وتكمن الحاجة الأساسية في تركيب أجهزة استشعار حساسة وعدادات ذكية في جميع أنحاء الشبكة الكهربائية من أجل إنشاء شبكات ذكية، وربط كامل الأنظمة معا لغرض تحقيق الرقمنة. أخيرا، يعد التحول الرقمي عنصرا حاسما في تحول صناعة الطاقة، ما سيتيح دمج مزيد من تقنيات الطاقة المتجددة في جميع أنحاء النظام الكهربائي ورفع موثوقية الشبكة والمساعدة في إدارة الطلب على الطاقة بشكل أفضل.