تحدثنا في المقال السابق عن آخر التطورات عالميا، التي نشأت في مجال صناعة تخزين الطاقة، حيث تعد من أهم التقنيات الواعدة التي تدخل بأساليب مبتكرة في صناعات متعددة، مثل صناعة الكهرباء والمركبات الكهربائية والطاقة المتجددة.

ولا يوجد حاليا مشروع قائم ذو صبغة تجارية أو تجريبية في المملكة عن تخزين الطاقة إلا مشاريع بحثية، مثل مشروع جامعة الملك سعود مع الشركة السعودية للكهرباء من أجل الاستفادة من الشمس والرمال والهواء وإنتاج طاقة نظيفة باستخدام الطاقة الشمسية البرجية المركزة، وقد يوجد بعض المشاريع البحثية من مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية.

وأوضحت عدة شركات وطنية رغبتها في تقنيات تخزين الطاقة في المستقبل، ومنها شركة البحر الأحمر للتطوير، حيث أعلنت في تشرن الثاني (نوفمبر) 2020، أنها ستنشئ أكبر منشأة لتخزين البطاريات في العالم تصل قدرتها إلى ألف ميجا واط.

ولا شك أن المملكة يجب ألا تكون بعيدة عن هذا التوجه لتخزين الطاقة، لكن ثمة تساؤل حول مدى تجريب الشركات السعودية، مثل: الشركة السعودية للكهرباء، وشركة أرامكو السعودية، وشركة مرافق الكهرباء والمياه في الجبيل وينبع "مرافق"، هذه التقنية، لأن من الضروري أن تدرس مشاريع تخزين الطاقة عمليا وتجريبها وتقييم الآثار والنتائج المترتبة.

إن مثل هذه الدراسات ربما تكون ذات طابع أولي وصغير الحجم لغرض تقييم الجدوى والفترة الزمنية المطلوبة والآثار الجانبية وتحسين التصميم.

ونتحدث هنا عن بطاريات الليثيوم - أيون Lithium-Ion بصورة أساسية، التي أخذت الشق الأكبر عالميا، لكن لا يعني ذلك إهمال بقية الخيارات، مثل تخزين الأنظمة الحرارية والميكانيكية.

ويشمل تخزين الطاقة حراريا باستخدام الرمال، حيث تفيد الدراسات بأنه يمكن لنظام رمل السيليكا Silica Sand تخزين ما يصل إلى 26 جيجا واط لكل ساعة من الطاقة الحرارية.

ومنها الطاقة الكهرومائية، حيث تستخدم الكهرباء لضخ المياه إلى الخزان ليلا، ويتم إطلاق الماء من الخزان نهارا أو وقت الذروة ليتدفق الماء عبر التوربينات لتوليد الكهرباء، وبالمناسبة توجد عدة مواقع مناسبة في المملكة لإقامة مشاريع الطاقة الكهرومائية، ومنها استخدام الهواء المضغوط، حيث تستخدم الكهرباء لضغط الهواء حتى ألف رطل لكل بوصة مربعة وتخزينه، وغالبا ما تكون في كهوف تحت الأرض وتنعم المملكة بعدد وافر منها.


ستكون مشاريع تخزين الطاقة رافدا قويا للطاقة المتجددة لإنشاء الشبكات الصغيرة Micro-grid على نطاق المرافق، حيث توفر الطاقة من مصادر مختلفة، مثل الرياح والطاقة الشمسية، ولذلك يقوم مفهوم الشبكات الذكية على مشاريع تخزين الطاقة وإشراكها في منظومة التوزيع الكهربائية.

لكن من المعلوم يقينا أن أكبر تحد في إقامة مثل هذه المشاريع هو التكلفة الاقتصادية العالية، ولا توجد مقارنة بين تكلفة إنتاج الكهرباء من محطات الطاقة التقليدية أو المتجددة وتكلفة إنتاج الكهرباء باستخدام بطاريات الليثيوم - أيون، حيث يبلغ متوسط أو معدل التقديرات للتكلفة الإجمالية لنظام بطاريات الليثيوم - أيون "ميجا واحد إلى أربعة ميجا واط" هو 203 دولارات تقريبا لكل كيلو واط ساعة في 2020، و134 دولارا لكل كيلو واط في الساعة في 2025، و103 دولارات لكل كيلو واط في الساعة في 2030.

لكن عند اشراك بطاريات التخزين مع الطاقة الشمسية الكهروضوئية، سيكون متوسط أو معدل التكلفة التقريبي بشكل أقل على النحو التالي: 187 دولارا لكل كيلو واط ساعة في 2020، و122 دولارا لكل كيلو واط ساعة في 2025، و92 دولارا لكل كيلو واط ساعة في 2030، بينما لا يزيد متوسط أو معدلات التكاليف التشغيلية لإنتاج الكهرباء من محطات الطاقة التقليدية أو المتجددة على 0.18 دولار لكل كيلو واط ساعة... يتبع.