يتصدر السؤال: ماذا يجري في الكويت؟ فالمشهد السياسي والإعلامي وتطوراته في الآونة الأخيرة في الكويت وأبعاده الإقليمية والدولية ككل باتت جميعها عوامل جاذبة لاهتمام دقيق بسبب طبيعة التعقيدات غير المسبوقة بالمقارنة مع مراحل سياسية سابقة.

اضطرابات وصراعات سياسية شتى باتت عنواناً رئيسياً للوضع العام في الكويت، خصوصاً تلك التي صاحبت التحديات البرلمانية والحكومية الأخيرة، من دون حاجة إلى استدعاء حادثة بعينها.

ولعل ما شهدته الكويت من وقفة احتجاجية مدنية سلمية مؤخراً في ساحة الإرادة من بعض نواب الأمة والنشطاء، ومناشدتهم بحل مجلس الأمة وعدم عودة رئيس الحكومة المستقيل، تحمل دلالات على الفراغ السياسي الذي يعيشه البلد في الآونة الأخيرة.

وسبق ذلك اشتعال حملات إعلامية ساخنة للغاية في الكويت.. اشتعلت في السنوات الأخيرة بفعل فاعل غير مستتر.. استفادت منها أطراف كويتية وغير كويتية وذات علاقة وثيقة بجماعات حاضنة للفكر المتشدد، التي لا تختلف في نهجها عن حركة «داعش»!

تبيّن أن بعض المواد الإعلامية المحلية، التي انتشرت في الآونة الأخيرة، قام بإعدادها والإشراف عليها صحافي فلسطيني كما تردد، وهو من المنتمين إلى الفكر المتشدد، وله حساب في وسائل التواصل الاجتماعي يعكس انتماءاته المتطرفة.

لا أبالغ في الاستغراب من انتشار ظاهرة لافتة في الكويت، وهي ظاهرة تمدّد جماعات عربية متطرفة فكرياً من جهة، وتغلغلها في الوسط الإعلامي الخاص والرسمي أيضاً، وربما هيمنتها على مفاصل حكومية من جهة ثانية، باستغلال مباشر للوضع السياسي المتورم بين الحكومة والبرلمان.

ينتشر في الكويت بالوقت نفسه الفكر المتطرف لمواطنين كويتيين وعرب ذوي عداء شديد للغرب، لا يختلف بطبيعته عن جزاري حركة داعش وغاياتها المسمومة دينياً واجتماعياً وفكرياً.

برأيي، أصبحت الكويت ساحة خصبة لجماعات دينية متشددة متحالفة بأهدافها وعملها، وهو ما ينذر بتحول الدولة إلى مصدر مفزع لتوغل وتغلغل الفكر المتطرف والإرهابي، وتنوع أساليب تصديره خليجياً وعربياً ودولياً.

من اللافت ما ورد إعلامياً على لسان المعتقل الكويتي السابق في غوانتانامو فايز الكندري، حيث برز لديه بشكل ملحوظ عداء شديد قائم ضد أميركا والغرب ككل، وهو ما ينذر بعدم زوال الإرهاب الفكري والجهادي لدى بعض الجماعات الدينية في الكويت!

ويثير الاستغراب الشديد الوضع السياسي العام في الكويت، وخاصة تهاون السلطات الكويتية في ما يشهده البلد في ظل بروز أصوات منادية بالاعتراف العاجل بنظام طالبان، والإشادة بهذا الانقلاب واعتباره انتصاراً إسلامياً!

ففي حين يراقب العالم ودول الجوار العربي والخليجي بحذر ما يجري في أفغانستان، بعد وقوعها في قبضة حركة طالبان المتشددة دينياً، والمبشرة بوأد الحريات المدنية نهائياً، والتخلف الاجتماعي عموماً، تبرز أصوات كويتية وعربية وإسلامية مؤيدة لذلك في الكويت!

وثمة تناقض رسمي صارخ في الكويت في التعامل مع ملفات الإرهاب الفكري والجماعات المتشددة دينياً، حيث هناك جماعات وأفراد محليون جرى تصنيفهم تحت قائمة الإرهاب دولياً وخليجياً، بينما الكويت ما زلت ربما تنتظر المزيد من سفك الدماء والعمليات الإرهابية!

لا شك بأن الفراغ السياسي الناجم عن احتدام العلاقة بين السلطتين التشريعية والتنفيذية، وغياب الحسم لمصادر التأزيم بينهما، وعدم قراءة اتجاهات الرأي الشعبي بحصافة وتأنٍّ، تفسح المجال أمام نضوج مشاريع الاختراق الإعلامي والسياسي لجماعات متشددة دينياً ومتطرفة فكرياً وسياسياً.