من عايش انطلاقة منصة (تويتر)، يدرك أنه يمر اليوم بأزمة، وهي أزمة أخذت من صورة تلك الانطلاقة التي كان فيها (العصفور الأزرق) ملء السمع والبصر، كمنصة جاءت؛ لتتيح التنفس على طريق (المختصر المفيد)، وهو ما يفسر تنامي شعبيته، وتزايد عشاقه، وما ذلك إلا لقدرته الفائقة أنذاك في الضرب في عمق أي قضية، وتقديمها على (المكشوف).

* حتى وإن كان ذلك التفاعل لم يستطع فيه العصفور الأزرق التخلص من (كارثة) الحسابات الوهمية، التي لم يتنبه حينها على أنها نذير شؤم على مستقبل هذا القادم الجديد في ساحة المنافسة مع قنوات التواصل الأخرى، التي تعيش ذات الأزمة، وهي أزمة خطيرة؛ كونها (تنهش) في بدن مصداقيتها، وبالتالي فقد الثقة فيها مع مرور الوقت.

* وهذا ما يعيشه تويتر اليوم، فقد أخضعه (المال) لرغباته، واستلم قيادة الدفة فيه؛ فأصبحت أرقامه في الغالب كما هي حساباته (وهمية)، نعم وهمية، أقول ذلك بثقة المطلع على حقيقة يدركها كل صاحب حساب حقيقي في تويتر، وهذا لا يعني أن ما يحصل من تفاعل في بعض الحسابات أنه تفاعل وهمي بالمطلق، بل أن هنالك حسابات تحظى بشعبية، وأصحابها (مؤثرون) لاشك في ذلك، بل أجد في استمرارهم أداء لرسالة هامة، والحديث هنا عن كل تلك الحسابات (المفيدة) أياً كان مجال الفائدة فيها.

* ولكن من تخفى عليه حقيقة ما يعيشه العصفور الأزرق من أزمة، يندهش من حجم التفاعل الحاصل على تغريدة (تافهة)، سواء بالرتويت أو التفضيل والتعليق، ويجعل من ذلك مقياساً لوعي الناس -على سبيل المثال- مع أن الحقيقة ليست أكثر من تفاعل (مدفوع)، بمعنى أنه لا مصداقية له، بل وصل الأمر إلى خضوع (الترند) بجلالة قدره إلى سطوة المال، فكما تشتري متابعين ورتويت وتعليق، تستطيع أن تشتري الترند بكبره، وهذا ما يفسر صعود تاقات تافهة حقيقة تفاعلها (وهمي)!

* تلك الوهمية، التي ضربت مصداقية (تويتر) في مقتل، وهو برأيي ما يجب التخلص منه على يد مالكه الجديد (إيلون ماسك)، الذي كان محقاً في تصريحه عما يعيشه العصفور الأزرق من أزمة، فيما يظل كل متمسك بمصداقية تواجده في هذه المنصة العالمية، يعيش صراعاً بين تواجد مفيد لا يجد التفاعل المأمول، وبين خاص متخم بطلبات دعم (مدفوع)، وبين هذا وذاك يبرز تساؤل بالغ الحرقة: تويتر منصة الصوت المسموع -الذي كان- إلى أين؟! وعلمي وسلامتكم.