لعبت جماعة الإخوان الإرهابية أثناء تواجدها فى حكم مصر على وتر ضمان العلاقة الجيدة مع الأمريكان، وتعهد رئيس الولايات المتحدة أوباما بالوقوف إلى الديمقراطية، التى فهمها رئيس الإخوان آنذاك بأنها تعنى الوقوف إلى جانبه.

ولكن بعد أيام قليلة للغاية من ثورة 30 يونيو، تراجع الأمريكان خطوات للخلف، مؤكدين على لسان المتحدث باسم البيت الأبيض أن الراحل مرسى لم يكن يحكم بطريقة ديمقراطية. لاشك أن مشهد الميادين حينها قد أيقظ لدى الإدارة الأمريكية فكرة مختلفة عن الديمقراطية الثابتة التى يعرفونها، وهى ديمقراطية مَن كانوا فى الميادين ينادون برحيل الجماعة الإرهابية.

ورغم توتر العلاقة بين القاهرة وواشنطن فى تداعيات 30 يونيو، فإن الإدارة الأمريكية كانت دائمًا تبادر بالتعاون، وقد حدث ذلك خلال اتصال هاتفى أجراه الرئيس الأمريكى الأسبق أوباما بالرئيس السيسى، عقب فوزه فى انتخابات 2014. التوتر الذى شاب العلاقة بين الإدارتين زال تمامًا فى فترة الرئيس الأمريكى ترامب، إذ تحسنت العلاقات، واقتصر التوتر فى ممارسات وآراء نواب ديمقراطيين بعينهم فى الكونجرس، إنما على مستوى الإدارة، كان الأمر طيبًا، ولا تزال العلاقة على حالتها الجيدة فى عهد بايدن.

كان نموذج عودة العلاقات الأمريكية المصرية إلى سابق عهدها بعد 30 يونيو مثالًا لاختلاف مواقف عدد من المؤسسات والمنظمات الدولية فى علاقتها بمصر. توتر ثم عودة للعلاقات، ثم تعاون مثمر.

فالاتحاد الأوروبى- بعد عزل الرئيس الأسبق مبارك، وبناءً على طلب المسؤولين المصريين- جمّد الحوار الرسمى مع مصر، إلا أن الاتحاد استمر فى دعمه للمجتمع المدنى المصرى من خلال عدد من المنح، ووعد بزيادة مساعداته البرامجية. واستمر الدعم فى فترة حكم الإخوان، لكن الجماعة قاومت بشدة المبادرات الأوروبية، حتى إن الاتحاد فى أعقاب إصدار مرسى إعلانه الدستورى فى نوفمبر 2012، والذى وسّع فيه صلاحياته كرئيس، دُفع إلى تعليق مساعداته باستثناء الأنشطة التى تدعم الفئات الفقيرة.

ورغم ذلك، فإن فكرة إطاحة الشعب بمرسى لم تجد قبولًا كبيرًا لدى الأوروبيين، فشهدت العلاقات بين الدولة المصرية وأوروبا تدهورًا كبيرًا، كانت قمته فى إعلان الاتحاد الأوروبى يوم 21 أغسطس 2013 تعليق ترخيص تصدير الأسلحة إلى مصر، فضلًا عن استدعاء بريطانيا (عندما كانت عضوًا فى الاتحاد) وإيطاليا وفرنسا وألمانيا لسفراء مصر، معربين عن قلقهم بشأن الأحداث.

ومع تولى الرئيس السيسى، واستقرار الأوضاع فى مصر، وظهور نوايا البناء والتطوير على كافة الأصعدة، سياسيًّا واجتماعيًّا واقتصاديًّا، تغير الحال، فأتى الرئيس الفرنسى آنذاك فرانسوا أولاند إلى حفل افتتاح قناة السويس، فى أغسطس 2015، كما تم استئناف هياكل اتفاقية الشراكة الثنائية الأوروبية المصرية الجديدة، إضافة إلى دعوة رئيس الوزراء البريطانى ديفيد كاميرون للرئيس السيسى لزيارة بريطانيا، وكذلك دعوة المستشارة السابقة أنجيلا ميركل الرئيس إلى زيارة ألمانيا، لتؤكد بشكل قاطع أن أكثر الدول الأوروبية تطرفًا فى المواقف تجاوزت مرحلة حكم الإخوان وتداعياتها.