أُقيمت أول نسخة من معرض أبوظبي للصيد والفروسية في عام 2003، بتوجيه من المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، وقد زاره وتجول في أجنحته آنذاك، فسجل إعجابَه بالمعرض ودعا للاستمرار في إقامته دورياً.

كانت فكرةً مبتكَرةً ورائدةً للراحل الصديق المستشار محمد خلف المزروعي، رحمه الله تعالى، صاحب المبادرات والأفكار الثقافية التراثية المتنوعة في أبوظبي. وقد قال حينها للشيخ زايد إن هذا أول معرض دولي للصيد والفروسية يقام في أبوظبي، فأمر الشيخُ زايد بشراء كل معدات وأدوات العارضين المشاركين في المعرض بعد انتهاء فعالياته، تشجيعاً ودعماً وتكريماً لهم، ولكي يستمر المعرض في أنشطته سنوياً. ومنذ ذلك التاريخ، وفي شهر سبتمبر من كل عام، يُقام المعرض الدولي للصيد والفروسية في أبوظبي، قبيل موسم الصيد في المنطقة، وتشارك فيه شركات ومؤسسات محلية وعربية ودولية متخصصة في إنتاج وتصنيع أدوات الصيد والبر والصقارة والبنادق، كما يشهد عروض الصقور النادرة التي يبرزها مشاركون في المعرض. لذا فقد أصبح معرض أبوظبي للصيد والفروسية تظاهرةً عالميةً بالمنطقة، لأهميته وسمعته وحجم المشاركة فيه وكثافة الحضور من زوار وعارضين، فضلا عن تزايد أرقام مبيعاته عاماً بعد آخر بفضل تنامي الإقبال عليه بغية شراء معدات الصيد وأدواته؛ من سيارات وبنادق صيد وفروسية واقتناء الصقور النادرة والفريدة وأمتعة رحلات البر والسفر والصقارة بأنواعها وأشكالها.

ورغم الظروف الإقليمية والعالمية التي شهدتها المنطقةُ والعالَم خلال الأعوام الماضية، فإن معرض أبوظبي الدولي للصيد والفروسية لم يتوقف، وظل محافظاً على ديمومته وكينونته وسمعته الدولية، وأصبح أشهرَ حاضنة مميزة من نوعها في الشرق الأوسط، وبات مصدرَ جذب فعال لكثير من هواة الصيد والفروسية وعشاق الرياضة التراثية والثقافية الأكثر أهمية من نوعها، وهذا بفضل اهتمام دولة الإمارات وحرصها على رعاية المعرض.

ويمثل معرضُ أبوظبي للصيد والفروسية قصةَ نجاح مبهرة متواصلة، لصون البيئة والمحافظة عليها، ولتشجيع الصيد المستدام، وللحفاظ على التراث العربي الموروث، ولتعزيز وعي الشباب والأجيال الجديدة بالتقاليد الإماراتية الأصيلة وترسيخها. وهو حدث ثقافي وتراثي واقتصادي نوعي مبهر وممتع، لأهمية موقعه ولحرفية إدارته ومهنيتها الواضحة.. وكل هذا جعله محطَّ أنظار الخليجيين والعرب والأجانب، الذين يستقطبهم سنوياً مركز أبوظبي الوطني للمعارض، حيث يأتي الزوارُ من عشاق هذه الرياضة التراثية الثقافية المتجذرة في موروث أهل الإمارات وثقافتهم. ومن هنا فقد حرصت حكومة أبوظبي على المعرض، لأنها تنظر بفخر إلى تراث الآباء والأجداد وقيمهم النبيلة، وإلى كل ما ينتمي لموروث الإمارات وفلكلورها وتراثها الثقافي، حيث حرصت الدولة منذ تأسيسها على تشجيع ودعم وتعزيز التراث العربي والمحافظة عليه، والذي يتجلى أحد أوجهه في الفروسية ورياضات الصيد والصقارة في صورتها المستدامة الصديقة للبيئة. وقد اهتمت الإمارات بالحفاظ على الصقور وضمان تكاثرها، بما في ذلك الأنواع النادرة منها، لأنها تعد جزءاً من الهوية التراثية الثقافية الوطنية الأصيلة، المرتبطة بتاريخ وروح تراث البلد وخصوصيته.

ومعلوم أن دولة الإمارات تتخذ من الصقر العربي رمزاً لشعارها، وصورته حاضرة في عملة الدولة وفي وثائق مؤسساتها الحكومية.
والصقر في الإمارات يعتبر «ضيفاً كريماً فوق العادة»، وهو جزء لا يتجزأ من ملامح نهضتها، أي معركة التطور في هذه الدولة المتطورة المعطاء، التي تعتز بماضيها الأصيل وبحاضرها المزدهر وترنو لمستقبلها المشرق.